النظام السياسي في العراق
بين المحاصصة والطائفية منذ عام 1921 ـ 2003
مقدمة
مع بدء عام 2003، سقط النظام السياسي في العراق ودخلت قوات اجنبية الى هذا البلد.
وهنا بدأت مرحلة التعاون بين السياسيين العراقيين والسلطة الاجنبية في خلق نظام سياسي جديد يحكم العراق بصورة مختلفة عن وضعه السابق وبالتحديد منذ قيام الجمهورية عام 1958، وتطبيق نظام قانوني ديمقراطي برلماني يستمد سلطته من الشعب بصورة مباشرة عبر الانتخابات وتأليف حكومة تؤمن احتياجات البلد، وبالفعل تشكل النظام السياسي الذي يحكم المرحلة القادمة ليقود البلاد نحو مرحلة جديدة من تاريخه.
ومن الملاحظ على هذا النظام انه يُنعت باستمرار بانه نظام طائفي محاصصاتي في كل مفاصل نظامه التكويني، وهذا بحد ذاته ليس المشكلة، بل المشكلة تكمن بتصديق النظام بفكرة الطائفية والمحاصصة في تكوينه الجديد، وبدأ يؤسس نظامه على هذا المنوال الجديد باللفظ والمعنى، واستسلم كما يبدو لنعوت مستفزيه لحقيقة كامنة داخل المجتمع العراقي منذ تكوينه من الاصل.
وفي قراءة لظاهرة العنف الطائفي المتبادل بين الجماعات العراقية في الوقت الحاضر يتطلب قراءة اولية لمفهوم الطائفية السياسية وتشكلها وارتباطها بتعثر الخطاب الديمقراطي والحداثة وضعف المدنية والوقوع في فخ المحاصصات.
ان اول مسألة ترتبط بهذا الموضوع هو المعتقد الديني او المتغير الديني حيث ان الدين من اهم المتغيرات الاساسية التي بنيت عليها الطائفية في مجتمع متعدد الاديان مثل العراق، ويعتبر احد معايير التباين بين الجماعات.
حيث ان التنوع الديني في نفس المجتمع لا يكتسب اهمية سياسية الا اذا ترتب عليه تنافس او تنازع او صراع في مجالات القيم او الثورة او السلطة.
- 1 مقدمة
-
2 ومن هنا يبرز الفرق بين المفهومين: الطوائف (Sects) والطائفية (Sectarianisn).
- 2.1 فالمفهوم الاول:
- 2.2 مرحلة ما قبل بناء الدولة حتى عام 1921
- 2.3 مرحلة الحكم الوطني (العهد الملكي) منذ عام 1921 ـ 1958
- 2.4 3ـ مرحلة العهد الجمهوري الأول من 1958 ـ 1963
- 2.5 مرحلة العهد الجمهوري الثاني من عام 1963 ـ 1968
- 2.6 مرحلة العهد الجمهوري الثالث من عام 1968 ـ 2003
- 2.7 علاقة صدام بشيعة العراق
- 2.8 مفهوم الطائفية عند البعث الصدامي
- 3 الخاتمة
- 4 اهم المصادر
- 5 الهوامش
ومن هنا يبرز الفرق بين المفهومين: الطوائف (Sects) والطائفية (Sectarianisn).
فالمفهوم الاول:
يشير فقط الى التنوع في المعتقدات والممارسات الدينية بين الافراد، اما المفهوم الثاني، فهو يشير لاستخدام هذا التنوع الديني لتحقيق اهداف سياسية او اقتصادية او ثقافية، وايضاً للمحافظة على مصالح وامتيازات مختلفة ومكتسبة لصالح زعماء او ابناء تلك الطائفة وغالباً ما تكون في مواجهة الطوائف الاخرى، حيث تصبح الطائفية بهذا المعنى استخدام الدين كوسيلة لتحقيق اهداف دينية.
اما الطائفية السياسية كمفهوم حديث، فربما تكون من انتاج الاصوليات الاسلامية، ويمكن اكتشاف تأثيراته داخل الثقافة العربية، وبهذا المعنى لا يوجد مظلمة على ما نقول، انما هنالك تماثل او متشابهات دلالية تؤيد صحة قولنا حيث ان المفهوم الحديث للطائفية السياسية يحتوي على تصنيفات سياسية ومؤسساتية، وفي هذا المطال نأخذ العنف الطائفي كأحد الجوانب العبادية في الطائفية السياسية العراقية.
يعد ظهور الطائفية السياسية في المجتمع العراقي مؤشراً لنهاية الدولة المدنية وتأسيس نمط جديد من العلاقات الموغلة في تركيبة الاسس السياسية والاقتصادية والدينية وصراعاً مستديماً نجده في اسس مادية ثلاثة:
ـ الهيمنة السياسية على السلطة
ـ احتكار الثروات الطبيعية
ـ توسيع رأس المال.
وهذه الاسس الثلاثة تمثل النسق الاول للعنف بين الجماعات السنية والشيعية المتطرفتين.
فالاصولية السنية، تكرس ذاتها على التمزق الرمزي والخروج التام من التاريخ وتجعل خطوط التماس مع الطائفية الشيعية والصراع على احتكار رأس المال الرمزي والوقوع في الوهن السياسي الذي يتم انتاجه داخل المخيلة الايدلوجية الذاتية مع تفرد وهيمنة مستديمة واستحواذ على الممتلكات الطبيعية فيتم استنفاد هوية الطائفة مضادة لحركة التاريخ.(1) ان دراسة مولدات العنف الطائفي في المجتمع العراقي مرهونة بالاجابة داخل الحقل السياسي على مجموعة من التساؤلات:
اولاً: تاريخ الاقصاء الطائفي.
ثانياً: اختفاء وظهور العنف الطائفي كممارسة سياسية داخل تكوينات الدولة العراقية.
ثالثاً: قراءة واقعية الصراع والعنف الطائفي داخل الحركات الاصولية الاسلامية وتأثيراتها على الطبقات الوسطى لتركيبة الطائفية السياسية.
وما دمنا قد افترضنا ان الدين هو الظاهرة الاسمى في الطائفية والتمزق للنظام السياسي في الدولة، وهذا يقودنا الى تساؤل مهم هو هل ان الظاهرة الطائفية تخص الدين الاسلامي دون غيره، وجوابه يكون بالنفي لكون الطائفة ظاهرة موجودة في كافة الاديان السماوية وحتى الوضعية، وفي الحركات والتيارات السياسية والعقائدية.
اذن هي ظاهرة ليست صنيعة فكر معين انما هي حالة نابعة من رحم الحراك الاجتماعي الدائم التغيير والتبدل والتجدد باعتباره صراع مصالح قوى وطبقات وفئات اجتماعية مختلفة ذات بنى تحتية مختلفة وتحمل مستوى معيناً من الايدلوجية تصارع البنية القومية لتجد لها خيراً فيه وتؤمن ركائز فكرية لها للديمومة والبقاء في حلبة الصراع الدائم بينها وبين نقيضها الطائفي.
وبما ان الاسلام فيه طائفتان مهمتان (السنية والشيعية) وهما محور الصراع الطائفي على امتداد التاريخ الاسلامي ودوله المختلفة منذ 1400 عام والى الآن، فيمكن تقسيم المراحل التي مر بها تاريخ النظام السياسي في العراق الى خمس مراحل (محطات) مهمة تسلط عليها الضوء ثم ترى كيف كانت الطائفية تولد وتنمو في مفاصله.
مرحلة ما قبل بناء الدولة حتى عام 1921
ان من يعتبر جذور ظاهرة الطائفية مشكلة ايدلوجية فهو واهم انما هي مشكلة سياسية في الاصل "مصلحية" ظهرت وترعرعت بين التجار وطبقة الموالين وجمهور فقراء المسلمين العرب وغير العرب لتسلم منصب السلطة والحكم وتغطية الوجه الحقيقي للصراع بين المصالح بغطاء من النصوص والطقوس وانعاش سوق الروايات والاحاديث بما يخدم مصلحة المتصارعين اذ لم تستطيع هذه الزعامات ان تتجاوز عجزها الموضوعي بانتاج ايدلوجياتها الخاصة بها المعبرة عن مصالح القوة المنضوية تحتها من الفلاحين الفقراء او العبيد او من قوميات مضطهدة او محرومة بل ظلت مغطاة بدواء الايدلوجيات الدينية السائدة لتنتج ركائز نقيض طبقي واضح المعالم والاهداف بل غالباً ما تستند او ترجع الى خطاب اخلاقي ومثل ومبادئ تدعيها الطبقة الخاصة والتي هي على نقيض مما جعلها تدور في نفس الفضاء الفكري لنقيضها دون ان تستند الى نظرية او منهج خاص بها وتنظر لاسباب استغلالها وكيف الانعتاق من تلك الاشكالية والوقوف على مقوماتها او سبب توقف تطورها وهيمنتها .
فالتاريخ يتحدث عن كثير من الانتفاضات (العبيد) وما قبله وما بعده وكذلك انتفاضات الفلاحين وعموم المقهورين ولكنها كانت تحصد الفشل والانكسار ومنها ثورة 1920 ضد الاحتلال البريطاني للعراق بسبب عدم وجود قيادة منظمة للانتفاضة وانما كان قادتها من قوى فلاحية وعشائرية ورجال دين، وهذه القيادات بعيدة عن الطبقة البرجوازية التي استطاعت ان تعي ذاتها وتنتج فكرها في الزمان والمكان المناسبين لتحرز الانتصارات الكبرى في التاريخ على نقيضها الطبقي الاقطاعي والحكم الاستبدادي الملوكي المطلق المختلف اطيافه وبذلك تمكنت من عزل السلطة وتحكم رجال الدين برجال السياسة والحكم بعد ان كان لا دين بلا سياسة ولا سياسة بلا دين كما هو الحال في فترة عصر ما قبل النهضة والثورة الصناعية في اوربا، فالبرجوازية الغربية التي سادت في اوربا وانتجت دساتير تستند عليها بلدان متطورة كبريطانيا وفرنسا وحتى الشيوعيين اذ ورد في بيان لهم: تجر البرجوازية الى تيار المدينة كل الامم حتى اشدها همجية تبعاً لسرعة تحسين جميع ادوات الانتاج وتسهيل وسائل المواصلات الى ما لا حد له... وتجبر البرجوازية كل الامم تحت طائلة الموت ان تقبل الاسلوب البرجوازي في الانتاج وان تدخل اليها المدينة المزعومة، فهي باختصار تخلق عالماً على صورتها ومثالها.
وبالنسبة للعراق لم تكن هناك او يكاد لا يكون هناك طبقة برجوازية في المجتمع بالمعنى الواضح لان قرون التخلف التي سيطرت عليه لم تسمح له بانتاج طبقة صناعية حرفية مستقلة عن ارادة الدولة العثمانية كما حال الطبقة البرجوازية في اوربا، وليس خافياً ان الامبراطورية العثمانية سارت على نهج الامبراطوريات السالفة في تبنيها للطائفة السنية في الحكم والعمل واستبعاد وتهميش الطائفة الشيعية التي اصبحت مرجعية للقوى المعارضة المستبعدة والمهمشة والمستغلة طبقياً من ابناء القومية العربية ومختلف القوميات والاديان الاخرى غير الاسلامية وغير العربية، كما عمل هؤلاء السلاطين على سد الطريق امام الشعب المنتج من عمال وفلاحين ووطنيين احرار ونواة البرجوازية القليلة لتكون مدركة وواعية لذاتها وتخوض معركتها الوطنية والقومية وحتى الطبقية ضد مستغليها، فاصبحت نيران الطائفية والعشائرية لكسر شوكة القوى المستنيرة والحيلولة دون نمو الوعي الوطني والطبقي في المجتمع العراقي مع استمرار تبعيتهم للسلطة العثمانية كدولة ريعية خراجية اقطاعية استبدادية كابحة لاي نهوض تقدمي.
اما الاستعمار الانكليزي فقد واصل عمل العثمانيين في العراق ولكن بطريقة اكثر واشد حنكة وعلمية في تأصيل وتجذير هذه الظاهرة في المجتمع العراقي بعد احتلالهم له وانشاء الانتداب عليه عام 1921 فأصبح العراق كدولة تحكمها نخبة اقلية سنية.
ومن يقرأ الدراسات والوثائق والمذكرات الصادرة عن رموز الاستعمار البريطاني المسؤولة انذاك، يضع يده على المسعى المحكوم في التعامل مع الشعب العراقي على اساس عشائري وطائفي والعمل على تقريب وترغيب بعضها وترهيب واستبعاد البعض الآخر وحسب درجة الولاء للمستعمر.
وبالطبع فإن هذا يثير صراعات آنية ومستقبلية بين طبقات وفئات المجتمع العراقي واطالة فترة غياب الوعي القومي والوطني وبالتالي اطالة عمر الاحتلال والاستغلال ونهب الثروات. وقد كان الاحساس بالابعاد والشك والريبة داخل الطائفة الشيعية العراقية برموزها المعروفة آنذاك بسبب تزعمها للمقاومة الوطنية ضد الاستعمار الانكليزي، على الرغم من حصولها على الولاء من بعض المشايخ العشائرية الاقطاعية ذات المنافع الشخصية الضيقة.
وفي قراءة لمذكرات المس بيل ـ العقل المدبر للمحتل البريطاني للعراق ـ في وصفها للمجتمع العراقي نراها لا تحيد او تترك مكاناً الا وتصف الوضع العرقي عشائرياً وطائفياً وعرقياً مبتعدة تماماً عن ذكر التآلف والعلاقات الاجتماعية بين طبقاته، حيث نجد اوصاف عربي كردي اشوري تركماني صابئي ازيدي سني شيعي.. الخ(4) هي السائدة في خطاب الممثل البريطاني ورموزه، وقد عمل قادته على تحريف الايدلوجية الدينية المقاومة والمحرضة ضدهم والتي احتلت العراق لتكون ايدلوجية طائفية عرفية وبذلك تحول الشعب العراقي الى شعب طوائف وعشائر وأعراق وليس شعباً من الطبقات والفئات الاجتماعية التي تخوض صراعاً على الارض وليس تحتها.
كما استطاع الاستعمار البريطاني تحقيق بعض النجاحات في هذا المضمار باعتباره مستغلاً ومحتلاً للارض ولشعب العراق بكافة طبقاته وأعراقه وطوائفه التي يفترض ان يكون عدواً للجميع وطنياً وطبقياً في آن واحد، وجد التاج البريطاني، ان خير طبقة تمثل مصالحه هي طبقة عشائرية طائفية يقف على رأسها ملك مستورد ذو نسب علوي ولكنه ليس شيعياً ولا سنياً خالصاً انما جلبته غريزة الحكم وليس دافع حب الشعب وآلامه، وهو محمول على اكتاف المستعمرين حيث وصل فيصل الى العراق في 23 حزيران عام 1921 وبالرغم من تلك الظروف التي هيأها الانكليز الا ان استقبالهم كان ببرود عندما وصل فيصل الى العراق، ففي الوقت الذي كانت تواجه به السلطات الاستعمارية بالحديد والنار المطالب المشروعة للعمال والفلاحين والفقراء في المدينة والريف فتمنعهم حقهم في التنظيم المهني والنقابي والسياسي وخصوصاً فلاحي الوسط والجنوب وعمال السكك والنفط وبعض رؤوساء العشائر والقبائل المهمشين من قبل قوى الاحتلال وتحارب النخبة المستنيرة نراها تقدم مختلف انواع الدعم لزعماء العشائر والطوائف الموالين لها حيث ان اكثر من واحد ونصف في المائة من الملاكين يستحوذون على 63% من الاراضي وتسعى لاقتسام السلطة فيما بينهم والمعروف ان المغزى من تشريع قانون العشائر وقوانين حضر الاحزاب الديمقراطية واليسارية منها على وجه الخصوص وبذلك خالف المستعمرون مبادئهم التي قالوا فيها انهم جاءوا محررين لا فاتحين، وليس خافياً ما اثير انذاك من فتن طائفية وعرقية لتصميم ودعم قوة الاستعمار والطبقة الحاكمة العراقية لغرض اشغالها عن قضاياها الاساسية في معارك جانبية بالوقت الذي مارست قمعاً وحشياً على كل الانتفاضات والاحتجاجات الشعبية والوطنية العراقية كانتفاضة عام 1935 ـ 1936 وانتفاضة 1948، 1952، 1956، واقدامها على جرائم إعدام ونفي وشنق العديد من الحركة الوطنية والعمالية في العراق ومنهم قادة الحزب الشيوعي العراقي في شباط 1949(5).
مرحلة الحكم الوطني (العهد الملكي) منذ عام 1921 ـ 1958
عمل العهد الملكي على الاندماج والتعايش بين الطوائف والمكونات العراقية ولو بشكل ظاهري وتبنى الاساس الوطني الذي قامت عليه الدولة العراقية الحديثة وبالرغم من كثرة الصراعات السياسية وتنافس الزعامات وشيوع الكثير من الاساليب الانتهازية في العمل السياسي الا ان الدولة الحديثة سادت بشكل مثير للأهتمام وقطعت خطواتها الأولى نحو تعزيز القدرات وبناء مؤسسات مجتمع معاصر تحكمه الضوابط القانونية والدستورية والمشاركة السياسية واشاعة التعليم وتوفير فرص العمل وتعزيز احساس المواطن بالامن والسلم في بلده ، الا ان تلك الخطوات واجهت اولى انتكاساتها في اول انقلاب عسكري في العراق في 29 تشرين الاول 1936 وهو انقلاب بكر صدقي،(6) ووضع الجهود التي بذلت منذ تأسيس الدولة العراقية على حافة الهاوية وضياع شكل بناء الدولة الحديثة في العراق.
ان الانقلاب المذكور شكل اول بوادر تحرك الساسة وكبار ضباط الجيش والمؤسسة العسكرية والاحزاب السياسية في العراق وممارسة دورهم في تعطيل مسيرة بناء دولة حديثة ومعاصرة لا تقوم على اساس التمييز بين مواطنيها على اساس العرق والطائفة والانتماء الديني، وكما اشار الى ذلك دستورها الأول ليصبح العراق ساحة لكثير من الانقلابات العسكرية والتحركات السياسية التي اوصلت قضية المواطنة الى طريق مسدود خصوصاً وان تلك الانقلابات قد توافقت مع تنامي وتصاعد الحركات القومية الانفصالية او المطالبة بتقرير مصيرها كالحركة الكردية المسلحة بقيادة الملا مصطفى البرزاني.
ولتتبع سير بناء الدولة العراقية، فان عملية بناء دولة المواطنة لم تمكن القائمين على السلطة وصناع القرار من تذليل العقبات التي تواجهها مما ترك اكبر الاثر على مسار بناء وترسيخ دولة المواطنة على الرغم من التحركات ومظاهر المشاركة السياسية التي نلمسها في عدد المرات التي اجريت بها انتخابات برلمانية في العراق. ان ما حدث هو تغيير تام في قضية المواطنة واصبحت السلطات الدكتاتورية تمارس كل ما من شأنه ان يزيد من ظاهرة الاستبداد والقمع وخلق الحريات الاساسية ومصادرة الحقوق المشروعة للعراقيين واصبحت الحرب وعسكرة المجتمع ادوات للسلطة في تهميش دور المواطن في رسم وتصوير بلاده او تحديد شكل النظام السياسي الذي يحكمه ووسيلتها الاساسية في ادارة المجتمع الانظمة الشمولية والدكتاتورية القائمة على اساس سلطة الحزب الواحد أو الانظمة التي تختصر هوية البلاد وكل تاريخها ومنظماتها السياسية والحقوقية في شكل الزعيم او الرئيس الاوحد تعد انتهاكاً حقيقياً لقضية الانتماء الوطني كما ان انظمة تقوم على اسس قومية او دينية لا تختلف بشيء عن الانظمة الدكتاتورية فانظمة كهذه تحمل بذور التسلط والاستبداد والتمييز بين مواطينها لنرى التنامي في شكل الصراعات والكراهية بين القوميات والطائفية المتبادلة لزعزعة السلم الاهلي رغم كل الاحاديث حول الوطنية والانتماء الوطني.
وبالنسبة للاحزاب السياسية في العراق ورغم الدور الذي لعبته في ايجاد حراك فكري وثقافي مشهود وتحقيق استقطابات سياسية واجتماعية واضحة من مكونات الطيف العراقي الواضحة لكنها تحولت في عقود الخمسينات ثم "الستينات" الى مستغل لفئات على حساب اخرى لانها تأثرت بموجات تشقق او موجات التصنيف القومي والاثني في الوطن العربي والعالم وفي مجتمع تتنامى فيه التيارات الدينية والقومية والعشائرية وتتواصل فيه عمليات تقسيم المجتمع على اسس عرقية او طائفية فان المواطنة ستكون خارج اولويات المهنية، وسوف تستمر هذه الحالة ما دامت ادارة المعنيين في بقائه.
لقد امتازت الحقبة الملكية عن الحقب الاخرى بانها اخف طائفية رغم الكلام الذي قيل عن تهميش الشيعة وتجاهل الاكراد، فالملك فيصل كان رجل سلطة وحكم اكثر مما يستند الى هويته الطائفية لانه جمع الاطراف متعددي الميول والاتجاهات حوله كنوري السعيد وجعفر العسكري اللذين يعتقد انهما كرديان،(8) ورستم حيدر الشيعي اللبناني الاصل.
كما ان اختيار فيصل لذكرى بيعة الغدير يوماً لتتويجه وجلوسه على العرش ذات مغزى يدل على أنه يجمع ويحترم كل الموجودين حوله واذ قارنا مستوى النمو في المدن وازدهارها بين مناطق الشمال السني والجنوب الشيعي بغض النظر عن بغداد العاصمة، فقد اقام العهد الملكي مشاريع كثيرة وكبيرة واستثنائية كإنشاء سدة الكوت وديالى والرمادي وسامراء ودوكان ودربندخان والموصل ومشروعي الحبانية والثرثار ومدينة الطب كما ارسل العهد الملكي العديد من العراقيين للدراسة خارج العراق على رأسهم الدكتور فاضل الجمالي ومكي العقراوي ونسيم سوسة ومصطفى جواد والدكتور جواد العلي بغض النظر عن انتمائهم الديني والعرقي ولا يفوتنا ان نذكر قيام فيصل الاول عند وصوله العراق بزيارة قبور الائمة الاطهار في النجف وكربلاء قبل استلامه العرش ببغداد كما كلف السيد حسين الحلي بتسليم الاراضي التي كانت تعود لجده الامام زيد بن علي "ع" بين الكفل وبابل ومقولته الشهيرة "مشروع قبل الفراق" الذي كان الغرض منه تحسين اوضاع الجنوب ذي الاغلبية الشيعية وربما تصرفاته هذه اثارت بعض الساسة والمثقفين العراقيين كما فعل الرصافي في رسالته العراقية حيث يقول: "رستم حيدر العلوي السوري جعلت فيصل يسير باتجاه الطائفية فقد كان يذهب الى النجف ويصلي على ترابه"اضافة الى ان من كان يتوج الملوك في العهد الملكي هو السيد محمد الصدر بعمامته السوداء الطاهرة الوطنية.
ان المرض لا يشخص بتجاهل الجروح فلابد ان يشخص ويعرف اسبابه في الوقت المناسب لكي يعالج ذلك التحلل.
فعند تأسيس الكيان العراقي، وجد فيصل الاول ان استمرار التفريق والمحاباة يعرض الكيان العراقي الى الانهيار فبادر الى سياسة منصفة وعادلة ليزيل مخاوف الشيعة ويزداد اقبالهم على التعيين ويتكاثر اعدادهم في الوظائف والمراكز المسؤولة مما يساعد على ازالة الحيف الذي لحق بالطائفة الشيعية لان سياسة التفريق والمحاباة ما زال يتعرض لها هذا الكيان الاصيل في الموطن العراقي واراد فيصل حتى ايامه الاخيرة ان يجد حلاً لهذه المشكلة لكنه رحل وتفاقمت بعده اكثر فاكثر فلم يشترك الشيعة في المناصب العليا لقيادات الجيش مطلقاً وكانت حصة الاكراد قليلة ايضاً، وحتى بالنسبة للسلك الدبلوماسي فلا يوجد شيعي واحد بدرجة سفير إطلاقاً .
3ـ مرحلة العهد الجمهوري الأول من 1958 ـ 1963
لقد سجلت القوى الديمقراطية واليسارية العراقية امثلة في مقاومة وكشف زيف وخطورة ثقافة الاستعمار ومعاونيهم من حكام حكموا العراق قبل عام 1958 واحرزوا انتصارات متميزة حافظوا على الروح الوطنية فيها مناهضين للاحتلال وقد توج هذا الكفاح المرير بالحدث الاهم في 14ثورة 14 تموز 1958 تموز 1958 بقيادة نخبة من الضباط الاحرار المدفوعين بدوافع مختلفة منها وطنية وقومية وطبقية ودينية بالاضافة الى بعض الدوافع كالسلطة والجاه والشهرة.
كانت السلطة بقيادة الزعيم الوطني عبد الكريم قاسم هذا القائد الذي اقدم على العديد من القرارات والقوانين والحد من استغلال الشركات البترولية العالمية، وضرب بعض مصالح الطبقة الاقطاعية، حاول عبد الكريم قاسم ان يمسك عصا السلطة من الوسط ويوازن بين مصالح الطبقات الاجتماعية المختلفة عبر قرارات ومواقف فردية مع الانحياز الاكبر لصالح الفقراء الفلاحين والعمال والكسبة من خلال قانون الاصلاح الزراعي وقانون رقم 80 في تأمين جزئي لحقول النفط، بالاضافة الى قانون الاحوال الشخصية(14) (لأنصاف المرأة) واعطاء فسحة كبيرة للعمل النقابي والمهني والسياسي والديمقراطي للقوى العراقية اي بمعنى اعطاء حيز من الحرية القانونية لنشوء مجتمع مدني في العراق وهذا ما اثار حفيظة بعض الطبقات الحاكمة والمتفقة مع بعض الجهات الدينية مما حدا بها الى تناسي صراعاتها الطائفية والعرقية والاتحاد مع بعضها لخدمة مصالحها حيث ترى ان حقبة عبد الكريم قاسم امتازت بان اعداءه والمتضررين من العهود السابقة قد وجدوا ضالتهم فيه فأصبح هناك نوع من الهياج الجماعي من حيث لم يكن على عهد احد مع تدخلات لمصالح استعمارية ودول الجوار، وهذا الواقع اخاف القوميين، ففي شهر اذار 1959، أي بعد شهر واحد من القاء القبض على عبد السلام عارف بادر العقيد الشواف الى اعلان ثورة الموصل الا انها لم تكن محكمة التنظيم فما لبث ان قضي عليها بعد سفك الدماء، وما شهدته بغداد في عيد العمال العالمي الاول في ايار 1959 من مسيرة مليونية بقيادة الحزب الشيوعي العراقي ومنظماته المهنية والديمقراطية، فكان مشهداً لم يعهده العراق من قبل مما افزع قوى الظلم والظلام بكافة انتماءاتها لتسفر عن وجهها الفاشل في معركة موت او حياة في الدفاع عن مصالحها الطبقية الاستغلالية، فسعت الى تشغيل كل خبراتها واوهامها الايدلوجية في حرف الصراع عن مساره السياسي لصراع مصالح اجتماعية ووطنية تغلف بالاوهام القومية الشوفينية والتعصب العرقي والطائفي ليكلفها بوجه المنافس الاخر ويخترق مناطق رخوة مؤهلة لاستيعاب تلك الصراعات ناهيك عن الادوات التي استخدموها سواء كانت مادية او نفسية وطرح الأوليات البديلة ليتنافسوا عليها.
لقد تخلت تلك القوى عن كل شعاراتها الوطنية ومحاربة الاستعمار وعن قيمها العشائرية الايجابية وكل مبادئها الدينية التسامحية لطلب العون المباشر المفضوح من دول عربية وعالمية وخصوصاً ممثلي الاحتكارات النفطية والمخابرات الامريكية لاجهاض ثورة تموز في 8 شباط الاسود 1963، حيث كشفت هذه الطبقة عن وجهها الفاشي في ممارسة السلطة ضد اعدائها تحت شعارات معادية للشيوعية والدكتاتورية الفردية والشعوبية، فظهرت بابشع واقسى انواع الدكتاتورية واسوء اشكال الشوفينية القومية، ولسنا بحاجة الى سرد احداث هذه الفترة المظلمة من تاريخ العراق على يد افراد البعث ومؤازريه الذين اغرقوا البلاد والعباد من كل الطوائف والقوميات والأجناس ببحر من الدماء.
مرحلة العهد الجمهوري الثاني من عام 1963 ـ 1968
في ظل تلك الحالة المزرية والضياع الذي عاشته البلاد هيمن عبد السلام عارف القومي الطائفي على السلطة السياسية والذي حاول تجميل وجه الوضع البشع باعتباره المخلص الوحيد من بين عصابات البعثيين وحرسه اللاقومي بعد ان خلص الشعب من دكتاتورية قاسم والخطر الشيوعي الهدام والملحد معتمداً جمهوراً مغلوباً على امره، جمهور عمالي فلاحي كادح يجري التلاعب به بمعنى انه جمهور ـ على نيته كما يقال ـ وابعاده عن لعبة السياسة ودمجه في آلة الحرب، واول هذه الحروب لعبة التلاحم السياسي والديني للجمهور او رفع شعار (من الشعب والى الشعب)، ولكنه قد اسفر عن طائفيته في اكثر من موقف كان تكاتف الزمر الحاكمة المتعاقبة منذ تشرين الثاني 1963 على الاقل قد عبرت عن نفسها بصورة متكررة وان تكن غير حريصة في اشكال محلية طائفية قبلية او شبه قبلية، اي ان هذه الطبقة ظلت تعيش ازمتها المزمنة والمتجددة، فانتهى الحكم بنهايته المفجعة وانتهى حكم شقيقه على يد البعث وبدعم مخابراتي مكشوف ومستتر من دول الرأسمال العالمي وذلك لقطع الطريق على اي محاولة لقوى وطنية عراقية لارجاع او لاخذ الحكم او السلطة من قبضة عبد الرحمن عارف الرخوة، وذلك اعاد بتعبيد الطريق ثانية امام ربيبها البعث للأمساك بالسلطة وبواجهة جديدة هذه المرة وبشعارات يسارية ثورية تحررية تخفي جوهرها الفاشي والطائفي المتعصب كونها الفئة والشريحة الحاكمة الاكثر شراسة وحروباً لتحقيق اهداف واجندات اسيادها.
مرحلة العهد الجمهوري الثالث من عام 1968 ـ 2003
يمتاز هذا العهد عن غيره من عهود النظام السياسي في العراق بان الطائفية في فترة قد ترعرعت ونمت وثبتت جذورها عميقاً في المجتمع العراقي من خلال خلق طبقات كانت معدومة او مسحوقة اوصلها هذا العهد الى سدة الحكم رغم ما تحمله من بداوة وغلظة منطلقة من فكرة انها منتمية الى طائفة تحكم على مدى 1400 عام تقريباً لكنها كما قلنا اعتبرت داخل نظام طائفتها مهمشة وغير معتدٍ بها بسبب طابعها البدوي وضعفها الثقافي.
ففي 1968، بعد الانقلاب المشؤوم الذي قام به البعثيون واستيلائهم على السلطة في العراق، اصبحت هذه الفئة مقتنعة بان تقربها الى دول الاستعمار الكبرى وتنفيذ سياساتها لمصالح شخصية اصبح موضع تقدير ومصدر قوة كما أن هذه الدول وجدت ضالتها في هذه الفئة التي تعاني من تلك الامراض الطائفية، فنظام البكر لم يكن سوى العوبة بيد صدام حسين وجماعته، لان صدام قد رسم مفهوماً للديمقراطية والتعايش بين الطبقات من خلال منطق الرصاص، فالحكم بالاعدام على كل مخالف او على كل من لم ينتمِ الى حزب البعث او لم يكن موالياً له او من قوميته ومذهبه كما يدعي. واذا كان الاصطفاف السياسي والانتماء الحزبي يفرض في كل قوانين الحركة السياسية نوعاً من الاحتواء اتجاه الفرد المنتمي، فان القاعدة التي تفرضها سلطة الحزب الواحد في العراق ليست هي السلطة او القاعدة التي يفرضها الفكر والثقافة والاقناع بل تحول بارادة صاحب نظرية الالغاء للآخر الى سلطة المنظومة المخابراتية التي تعمل بعقلية البحث عن الاسرار وامساك المعلومات الضرورية لتجريد الانسان من حياته فعندما نتكلم عن موقف حزب البعث من الدين بصيغة عامة ومن الشيعة بوجه الخصوص ومن القوميات الاخرى الغير عربية فنقول: ان كتابات ميشيل عفلق في اواسط الاربعينات والخمسينات ركزت على اهمية الدين في حياة العرب وانهم نظروا الى الدين الاسلامي من زاوية خاصة غير طبيعية فقد فسروه على اساس الانتماء القومي اكثر من ارتباطه بالسماء والمعبر عن اخلاق القوم اكثر من تعبيره عن اخلاق السماء، اضافة الى وضع الرسول الكريم موضع المعبر عن الشخصية العربية حيث قال : [ان كان محمد كل العرب فليكن كل العرب محمداً] يعني ان الرسول "ص" يخص الامة العربية دون سواها ولا حتى في معتقده ينتمي الى سماء ولا وحي ولا دين.
وأخذوا يتحدثون ايضاً بطريقة اخرى عن الامة فيقولون: "والعرب اليوم لا يريدون ان تكون قوميتهم دينية لان الدين له مجال آخر وليس له رابط بالأمة بل هو على العكس قد يفرق بين القوم الواحد، وقد يورث حتى وان لم تكن فروقات اساسية بين الاديان ـ نظرة متعصبة وغير واقعية".
ان النص يكشف عن شتم للدين بصورة غير علنية تنم عن حقد دفين ضده، فالدين عندهم مرفوض عربياً وهو اتهام يوجههه كاتبه الى العرب، حيث يبرز السؤال: هل يمكن ان تكون القومية دينية ومتى كان الدين انتماءاً عربياً حتى تكون قومية العرب دينية، فكل تجارب الامم مع الاديان تثبت عكس ذلك وخصوصا الدين الاسلامي الذي طرح الغاء اللون والعرق والانتماء الاعلى اساس الايمان والتقوى به لان الاسلام يؤمن بالانفتاح على افكار ودماء مختلفة تغني فكره وتوضح مستواه ولهذا السبب ايضاَ انتشر انتشاراً واسعاً وتلقفته الناس بفرحة غامرة.
كلنا يعرف ان الفكر العفلقي ينبع او ينطلق من خلفية يهودية مؤمنة بأنهم شعب الله المختار، وتريد تفصيل الاسلام على المقاسات اليهودية والتشويه الموجود في المقولة اعلاه عميقة وذات أهداف عديدة، فالله تعالى يقول في كتابه الكريم : {كنتم خير امة اخرجت للناس.. المنكر وتؤمنون بالله} فتجريد العرب من دينهم او هويتهم العقائدية يعني ان يبحثوا عن منظومة فكرية جديدة يبنون على اساسها علاقاتهم الاجتماعية والسياسية تتلاءم مع طبيعة انتمائهم المطلق الى عروبتهم قبل كل انتماء وفوق كل انتماء، بل هو الانتماء الوحيد كما يريد منظروا الحزب والسؤال هو هل هذا ممكن؟ والجواب نعم، لانه يحمل مشروع العولمة وهو مشروع لا يهم ان يستعيده الحزب من مفاهيم وقيم طارئة من مختلف القوميات والتيارات الاخرى، فكله مسموح به ما عدا انتماء العرب الى هويتهم الاسلامية لانها ـ كما يقدمها الحزب ـ سبب في تمزيق وحدة الامة ويخلق التعصب الطائفي. مما تقدم نفهم نظرة الجيل الاول من العفالقة، اما الجيل الثاني الذي قاده صدام حسين فيقول: "ان المطلوب منا هو ان تكون ضد تسيس الدين من قبل الدولة والمجتمع وضد اقحام الثورة في المسألة الدينية وان نعود الى اصل عقيدتنا ونعتز بالدين بلا سياسات بالدين.
وهكذا يحدد صدام وظيفته بان يقف ضد تسييس الدين من قبل الدولة والمجتمع، وبتحليل بسيط لهذا المنطق نقول: انه ضد تسييس الدين ومعناه ان الدين كائن محايد بعيد عن الواقع لا يملك موقفاً ولا رأياً ولا مشاعر فبالتالي لا يقول للظالم انت ظالم ولا تثور مشاعر الوطنية عند متبنيه.
ان صدام حسين يثير فكرة فصل الدين عن السياسة وهي فكرة قديمة تزامنت مع دخول الاستعمار الى العراق لان الدين كما نعلم سيهدد مكانتهم، ولهذا اتبع صدام سياسة جديدة لم تكن معلنة وهو ان يلبس ثوب المؤمن المتدين بانتمائه لطائفة معينة ويضرب طائفة اخرى يعتقد هو ومن قبله بان وجود هذا الفكر عند الطائفة الاكبر في العراق فكر اسلامي اصيل لا يقبل بكل مظاهر الظلم والأخطاء التي يقع فيها النظام السياسي، ولم تنسَ اللعب على وتر القومية من خلال تمجيده لقومية معينة ونسي ان البلد فيه قوميات أُخرى ومن هنا حارب صدام التيار الشيعي بوجه خاص مما جعله في مواجهة حاسمة وحادة ضد النظام وما دام صدام ضد تسييس الدين من قبل المجتمع فهو سيمارس الديمقراطية باوسع ابوابها ضد ا ولئك الذين يسيسون الدين من وجهة نظره حيث يقول : "وسوف نمارس الديمقراطية باوسع ابوابها حتى عندما نمارس الديمقراطية ضد اعداء الثورة"(20) وهم في مفهومه ـ كما اكدت التجارب ـ أي الذين يختلفون معه في العقيدة والانتماء السياسي وحتى الذين يخفون انتماءاتهم السابقة مرفوضون فأصدر بحقهم احكام الاعدام، بل وقف ضد كل دعوة لاقامة حق وعدل وقانون جاء به الاسلام والاعراف الاجتماعية المحترمة، ثم يواصل حديثه المتطرف فيقول: "ان نفهم ان فلسفتنا ليست التراث ولا الدين بحد ذاتهما"(21) وهنا يقف مع فكرة سلفه العفلقي عندما اراد تجريد كل قيمة وتاريخ مشرف للعرب من خلال الاسلام واعتبر ان نظرتهم شمولية ولا تقف عند اختناقات الحياة التي نعيشها. كما يؤسس صدام وازلامه تجربة التركيز على البعد القومي في علاقات العرب بغيرهم، ومع بعضهم البعض، وهذا ما اوجد القطيعة بينه وبين جيرانه حتى انحرفت فكرة الدولة القومية الى واقع الدولة القطرية فاستعمل خطابه الاعلامي والسياسي مرة لضرب من اختلف معهم في العرق والقومية ومرة في العقيدة والمذهب.
علاقة صدام بشيعة العراق
من الملاحظ على مواقف حزب البعث الصدامي انه كان يقف موقفاً سلبياً اتجاه شيعة العراق حيث ان ثقافة الحزب لم تتعرض للمسألة الطائفية في العراق او غيره من البلاد العربية قبل استلام الحزب للسلطة في العراق للمرة الثانية عام 1968 بل انه عندما استلم السلطة في المرة الاولى عام 1963 صدر في خطابه اشارات معادية لشيعة العراق الا انها بدأت تتضح بصورة جلية مع بداية سبعينيات القرن المنصرف وبالتحديد عندما بدأ صدام يمارس سياسته داخل الحزب وخارجه فانتقل موقف حزب البعث العراقي من مرحلته الفكرية المجردة الى مرحلته السياسية التنفيذية بعد استلام السلطة، وسرعان ما اخذ مباشرة ينفذ سياسته وتظهر مواقفه ضد الشيعة مع محاولة الاحتفاظ بطريقة الديمقراطية التي يفهمها صدام فعمد الى المجازر والمذابح وغيرها من الاعمال التي لحقها بشيعة العراق وهذا لا يلغي مسؤولية الاخرين المشاركين معه في السلطة والجريمة. (22) ولكي نقوم بسرد تفاصيل التنفيذ العملي للنظرية الشوفينية الصدامية وتصفية افكار الآخرين وبقاء فكرة القائد الاوحد، نلاحظ عام 1974 بأنه اصدر قانوناً يحدد فيه على المنتمي لحزب البعث بانه اذا اكتشف اخفاؤه ميولاً سياسية وفكرية سابقة وآنية اتجاه حزب آخر وهو منتمٍ الى حزب البعث يعاقب بالاعدام شنقاً ـ وهذا نوع من الديمقراطية بمفهومه ـ . (23)
مفهوم الطائفية عند البعث الصدامي
قلنا ان الحزب مارس تطبيق نظريته الدموية في بداية عقد السبعينات واتجه نحو القيادات الاسلامية الشيعية بالدرجة الأولى، فكان خطاب الحزب ومنهجيته تحرض بصورة مبطنة دون الاشارة الى اسمه الصريح ويصفهم (التيارات الشيعية) بـ الطائفية .مفهوم الطائفية في حزب البعث هو كل نشاط اسلامي ديني سياسي او عقائدي معارض للسلطة او مناوئ لها، فالمتدين الشيعي متهم بالطائفية بسبب التزامه بعقائده وشعائره الدينية ويستمر الحزب بهذا الاتهام ضد كل من يمارس نشاطاً عبادياً في المساجد والحسينيات.
ان رفض الشيعي للظلم مثلاً الذي استخدمته السلطة كذريعة للتحريض على النظام السياسي تعتبره عملاً طائفياً يمس أمنها، وهو ما اطلقه البعث على الحركات الدينية الشيعية دون غيرها من الحركات، وكلنا يتذكر اتهامات البعث عندما كان يريد احدنا ممارسة طقوسه وشعائره الدينية كان يتهم بالانتماء الى حزب الدعوة، فاصبحت من المعيبات قبل ان تكون من الممنوعات والمحرمات، وهذه الادلجة التي ارادها الحزب هي تركيبة استعمارية بتطبيق صدامي بحت يريد من خلالها ان يقول ان الحركات الشيعية خطر داهم يهدد وجودهم رغم ان كل الحركات الشيعية السياسية ام الفكرية العقائدية لم تتحرك بدوافع مذهبية بقدر ما كانت تهمة قضية الاسلام بصورة عامة وجمع الكلمة. ان الفرق بين المفهومين، مفهوم التيار الاسلامي الشيعي ومفهوم البعث الصدامي شاسع حيث الاول يريد تحكم الدين في السلطة والمجتمع فيما الثاني ينطق باسم الطائفية ويريد تحريك المجتمع اتجاه الدين ومن اجل استيعاب الصورة التي يرسمها حزب البعث للشيعة بصورة عامة والمرجعية الدينية بصورة خاصة كان يوجه مجموعة من الاتهامات اليهم كتهمة الانحراف والعمالة للأجنبي، وهي من اكثر الامور تداولاً لخطاب السلطة، حيث كان يقول صدام دائماً عن المرجعية الدينية: "ان هذه الاوساط "الرجعية المنحرفة" التي يحركها الاجنبي على الاغلب غير قادرة على كسب الناس من خلال طرحها لحزب سياسي مضاد لحزب البعث لذلك فانها تتوجه الى جر الناس ودعوتهم الى ممارسة الطقوس الدينية وفق صيغة، خاصة عاملة على تحويل هذا المنهج الى ولاءات سياسية مضادة ومناهضة للثورة"، وغيرها من الاقوال التي كان يسوقها ضد ا لشيعة وخصوصاً بعد انتفاضة صفر 1977 والتي احدثت شرخاً هائلاً بين قواعد الحزب وقياداته حتى على مستوى القيادة نفسها، ثم جاءت مرحلة الحرب العراقية ـ الايرانية ليكون الدافع مبرراً في الهجوم على كل ما هو شيعي في العراق بحجة ان العدو المقابل كان رجل دين وشيعي. الحقيقة ان رمي الشيعة بالرجعية في الخطابات الصدامية ليست جديدة وخاصة في خطابه عام 1985 عندما وصف الخطاب الديني بالرجعية واضاف اليها صدام كلمة الانحراف وهو معيار خطير لما يريد ان يؤسس عليه فهو ينظر الى مسألة يطرحها داخل الخطاب السياسي ويترك واقع التطبيق بيد حثالة القوم ليصبح واقعاً عملياً يبرر كل ما يقومون به بحجة محاربة المنحرفين. وبالعودة الى اصل انطلاق هذه التهمة في العصر الحديث تكشف لنا الدور البريطاني بصورة جلية، فقد كانت المس بيل تصف الشيعة بـ (الاغراب) وغير ذلك من الصفات التي تلقي في ذهن المتلقي ان شيعة العراق لا ينتمون الى وطنهم بل الى وطن آخر. ثم حاول الحزب ان يضع حلاً لمسألة الطائفية برأيه فيقول: "لذلك فان مواجهة الطائفية كحالة او كسلاح ضد الثورة يجب ان تنطلق من دراية فنية ميدانية للحياة ومن عقل متصفح وروح ميدانية ويكون بزيادة الوعي الجماهيري وبتعميق الوعي الوطني القومي". ومن هذا المنطق يمكن القول ان حزب البعث بسبب طائفيته هو النظام الوحيد في العالم الذي ينفي الأغلبية القومية للوطن، فالشيعة في العراق هم الاغلبية بدون شك لكن انتماءهم المذهبي شكل على طول تاريخ الدولة التي اسسها البريطانيون نقطة الاختراق والقتل الجماعي. ان طائفية النظام السياسي في العراق لا تتجلى فقط بالحاق الظلم بالشيعة وابعادهم عن المواقع الحساسة بل تتجلى بالغاء انتمائهم القومي بسبب هذا الانتماء المذهبي، وفي هذا السياق ايضاً قول المنظر البعثي لقبح الارتباط الخارجي للنشاطات الطائفية وذلك بتعريف الشعب بوسائلها التخريبية والتجسسية لصالح القوى المعادية، ومع كل هذا التركيز المعتمد على ارتباط النشاط الشيعي السياسي بالخارج فان النظام فشل لحد الآن بتقديم الدليل على مثل هذا الارتباط، كما ان الشيعة بقيادتهم الدينية قد تعرضوا للقتل والنفي والتشريد بسبب رفضهم تبعية السلطة للغرب او الشرق، فان حادثة نفي العلماء والمراجع مع بداية اول سلطة في العراق بسبب رفضهم الانتداب البريطاني كان دليلاً على ان المرجعية صاحبة الانتماء الوطني الاصيل وليست التيارات التي ساندت البريطانيين واصطفت معهم في ضرب مراكز قوى الرفض لهذا الاحتلال، ويقول نص آخر ما يلي: "والذين نخلص اليه من جملة ما ورد ذكره هو ان التحرك الديني المعادي والانحراف الطائفي اصبح من بين وسائل السياسة الامبريالية بالتعاون مع بلدان الشرق الاوسط واستخدامها بالعراق من خلال حزب الدعوة وبدعم من ايران".
بعد ان فرغ فكر البعث من الناحية النظرية والفكرية من هوية الدين ودوره في الحياة الاجتماعية واعتبره مجرد ممارسة فردية لا يرتقي الى مستوى العمل الجماعي المشترك فانه من ناحية سياسية حاول ان ينفي عن النشاط الشيعي العقائدي والاجتماعي والسياسي اي علاقة له بالدين معتبراً قيامه بالعقائد الشيعية والطقوس التي يمارسها مجرد طقوس لا قيمة لها مستوردة من الشرق المعادي، فهو يدعو الى اسقاط الذرائع الدينية عنه واظهار حقيقته واغراضه البعيدة كل البعد عن جواهر الدين وتقاليده، وفي منظوره ان اسلوب المواجهة يكون كالتالي ويتماسك التنظيم الشعبي لجهاز الحزب وبضمان استراتيجية محكمة للامن الداخلي تؤدي واجبها في مواجهة التحدي الطائفي. ومن الامثلة على ذلك، تغيير القوانين والتشريعات التي تخالف الدين الاسلامي بل حرم العمل بالتشريعات الاسلامية واوجد البديل عنها، كما منع الشرائع الاسلامية وحرمها وحارب المرجعية الدينية كما شن في بداية حياه الأولى حملة ضد المرجعية وجهازها ابتداءاً من مرجعية الامام الحكيم "رضوان الله عليه" والشهيد الصدر "رضي الله عنه" الى الوقت الحاضر، وقد طارد وهجر وقتل عشرات الالاف من العلماء في معظم مدن العراق حتى القائمين على اقامة الشعائر الحسينية ومحاربة المؤسسات الثقافية والعلمية وهي التي تمثل احد الاعمدة المهددة للنظام السياسي الدموي، ومنها اقدامه على هدم محلة كاملة في النجف وهي "محلة العمارة" والتي تقدر مساحتها بنصف مليون متر مكعب كانت مليئة بالمدارس العلمية والمساجد التاريخية والحسينيات، وبعد الانتفاضة الشعبانية هدم المدارس العلمية المعروفة كمدرسة دار الحكمة التي اسسها الامام الحكيم "رض" ومدرسة العلوم الاسلامية التي اسسها الامام الخوئي "قدس"، وهذا ينطبق على مدينة كربلاء والكاظمية.
ويمكن القول ان حزب البعث حزب علماني يحمل نظرياً العداء المبطن للدين الاسلامي ومارس عملياً ذلك الحقد، كما حاول احلال عقيدة الحزب والقومية محل العقيدة الاسلامية باعتبارها تشكل الحل الامثل مشاكل المواطن العراقي ويعتقد ان الدين مجرد عقيدة فردية ليس لها في الوجود الاجتماعي اي دور، ولهذا حمل حقده الطائفي على الشيعة والقوميات غير العربية فانحسرت تصفيته على الشيعة والاكراد. وفي الختام، ان هذه الحقبة كانت قد صنعت ذاكرة تأريخية تكرس حكم طائفة بعينها وتؤيد الارضية الفكرية لحكم الدكتاتور الإله الفرد ومحو كل معلم من معالم الصراع الطبيعي وطمسه تحت لافتات مختلفة باعتباره صراعاً حضارياً طائفياً ومن هذه الاجراءات:
ـ توظيف المثقفين لخدمة مشروعه.
ـ اعادة العشائرية.
ـ الغاء صفة عامل وتوصيفه بالموظف.
ـ اغلاق التربية والتعليم العالي ليكون حكراً للحزب القائد وسيطر على الصحافة.
ـ وظف الدين المطبق سنياً لخدمة السلطة من خلال رعاة السلاطين ولا يسعنا الا ان نشير الى مهزلة شروط عضو المجلس الوطني الذي انشأه الدكتاتور باعتباره غطاءاً شرعياً لنظام الحكم ومن هذه الشروط ان يكون عضو المجلس الوطني مؤمناً بمبادئ واهداف ثورة 17 ـ 30 تموز (المجيدة)، وان تكون معظم اسهاماته في المعركة المقدسة ضد العدوان الفارسي سواء بالمشاركة او التطوع او التبرع او في نتاجات فكرية وادبية فعالة ومتميزة وتتناسب مع قدراته وامكانياته (ان يكون مؤمناً بان قادسية صدام قد عززت العراق وانها الطريق الذي ليس سواه من طريق للحفاظ عن العراق ارضاً وسماءاً).
وقد منعت الثورة بعض العناصر للترشيح لعضوية المجلس الوطني وهم ـ كما جاء في التقرير المركزي للمؤتمر القطري التاسع ـ اعضاء الحزب الشيوعي لخيانتهم للحزب والشعب والثورة، والمنتسبون للفئات السياسية العميلة والمعادية للثورة، والذين سبق ان كانوا اعضاء في المجالس النيابية في العهد الملكي الرجعي، والمدانون بجرائم الخيانة والتجسس والجرائم المعادية المخلة بالشرف).
ولا نظن ان هذه الآليات الديمقراطية وما خلفت من مقابر جماعية بحاجة الى تعليق او توضيح كي يلمس الفرد مدى خوف وهشاشة هذه الفئة من كل صوت معارض او ناقد فلا صوت يعلو على صوت القائد (الإله الواحد الأوحد الخالد المخلد) (30).
الخاتمة
ان ما تقدم ـ حسب ما تراه ـ يفسر لنا سبب طغيان الطائفية في عراق اليوم، وكذلك يوضح مدى اثر وارتباط سيادة هذه الظاهرة بالعوامل المعرقلة لبناء الدولة المدنية الديمقراطية الحديثة في العراق على مدى تاريخ تكون الدولة العراقية، وكيف هذا التاريخ وينبغي للقوى الوطنية العراقية ان تدرس طبيعة جمهورها بدقة وعناية وتفهم نفسية المواطن، ومواطن القوة والضعف فيه والعمل على بث روح التفاؤل والفاعلية بين صفوفه ووضع البرامج الكافية لمحاربة قوى الشر اعتماداً على النتائج والتوصيات الملموسة والحرية التي يوصي بها علماء النفس والاجتماع، وهو ما يفسر لنا سبب الازمة السياسية في العراق ما بعد الاحتلال، والتي كان امتدادها مكشوفاً الى ما قبل الاحتلال كما تأملها الملك فيصل الاول: "ليس هناك بعد شعب عراقي بل كتل متناثرة من البشر مجردة من اي فكرة وطنية غارقة في الخرافة والجهل وتفتقر الى اي روابط مشتركة، وميالة الى الفوضى ومستعدة ابداً للتمرد على اية حكومة مهما كانت.. ".
كانت تأملات الملك فيصل في بدايات القرن العشرين الا انها تعبر عن الأسس الذي يعبر به على غياب الوحدة الوطنية ولا يزال صداها يتردد في اروقة السلطة، بعد قرن تقريباً، وكان كذلك في ظل الدكتاتورية الصدامية، انها وبشكل مكثف ازمة هيمنة طبقية مزمنة مرافقة للطبقة السلطوية العاجزة، وطبقة عاملة عاطلة ومعاقة.
ان هذه الازمة التي تظهر بشكل مختلف تدين نفسها عبر الحروب الخارجية تارة والداخلية تارة اخرى، تحت مختلف الذرائع "القومجية" والعرقية والطائفية والذي لا تريد رموز السلطة الملكية او الجمهورية الاعتراف بها وبذلك يبقى مشروع اقامة دولة المؤسسات الديمقراطية الحديثة معاقة ومؤجلة.
ان هذه الظروف المحبطة والمجهضة لآمال وطموحات الاغلبية المهمشة هي المسؤولة عن ظاهرة عامة في جميع اقطار العالم الرابع "المهمش"، وتحاول هذه القوى الظلامية ان تضع نشاط وحراك جميع الكادحين والمهمشين في اطار يقنعهم بانهم هم الوحيدون القادرون على حمايتهم وضمان حقوقهم. وفي نهاية البحث نأمل ان نكون قد وفقنا فيه، وان لا نكون قد تجاوزنا في التأويل او أخللنا في اشتقاق المفهوم او المصطلح او كنا غير دقيقين في الاقتباس، فلا نظن ان هناك عملاً يولد كاملاً ولا شك ان تغطية مثل هذا الموضوع الشائك والمهم والمعقد ولفترة تقارب عشرات السنين مع متابعة جذوره وتطوره ودوافعه كظاهرة عالمية وليست عراقية او اسلامية فقط، وهي بحاجة الى عدة مؤلفات وليس الى دراسة وبحث من عدة وريقات مما سيوفر لنا مساحة جيدة لشرح التفاصيل كاملة.
اهم المصادر
1ـ اريك هويباوم، الامم والنزعة القومية منذ 1780 ، ترجمة عدنان حسن ومراجعة وتحريرمجيد الراضي، دار المدى، ط1، 1999.
2ـ المس بيل، خلق الملوك (من رسائل المس بيل)، ترجمة عبد الكريم الناصري، جمع وتحقيق بثينة الناصري، ط1، منشورات مكتبة النهضة، بغداد، 1973.
3ـ المنهاج الثقافي المركزي لحزب البعث العربي الاشتراكي، الكتاب الاول والثاني، مطابع الثورة.
4ـ اوريل دان، العراق في عهد قاسم (تاريخ سياسي 1958ـ 1963) نقله الى العربية جرجيس فتح الله، ج1، دار بنز للطباعة والنشر، السويد 1989.7
5ـ ثامر كامل محمد، دراسة في الامن الخارجي العراقي، فاضل البراك، المدارس اليهودية والايرانية في العراق (دراسة مقارنة)، مطبعة دار الرشيد، بغداد، 1984.
6ـ جمال ناصر جبار الزيداوي، دراسات دستورية، مركز العراق للدراسات ، مطبعة البينة، ط1، العراق، 2009.
7ـ حنا بطاطو، العراق (الطبقات الاجتماعية والحركات الثورية..) ترجمة عفيف الرزاز، مؤسسة الابحاث العربية، الكتاب الاول والثاني والثالث، ط1، بيروت، 1990.
8ـ خليل كنه، العراق امسه وغده، بيروت، 1966.
9ـ دليل الوزارات العراقية (1920ـ 2003)، المركز العراقي للمعلومات والدراسات قسم الدراسات والبحوث، دار نور الشروق، ط1، بغداد، 2007.
10ـ صباح سلمان، صدام حسين الرجل والقائد، مطابع الثورة، بغداد.
11ـ صدام حسين، نظرة في الدين والتراث، مطابع الثورة، بغداد.
12ـ عبد الرحمن البزاز، العراق من الاحتلال حتى الاستقلال، مطبعة العاني، ط3، بغداد، 1967.
13ـ عبد المجيد كامل، المنتظم في تاريخ العراق المعاصر (1914ـ 1968)، مطبعة الجامعة، بغداد، 2008.
14ـ فيبي مار، تاريخ العراق المعاصر (العهد ا لملكي، ترجمة مصطفى نعمان أحمد) المكتبة العصرية، ط1، بغداد، 2006.
15ـ محمد حسين الزبيدي وآخر، اوراق نجي شوكة، بيروت.
16ـ هادي حسن عليوي، احزاب المعارضة السياسية في العراق 1968ـ 2003، دار الكتب العلمية، مطبعة مؤسسة التاريخ العربي، بيروت، د. ت.
الهوامش
1ـ راجع حنا بطاطو، العراق (الطبقات الاجتماعية والحركات الثورية..) ترجمة عفيف الرزاز، مؤسسة الابحاث العربية، ج1، ط1، بيروت ، 1990، ص 57ـ65.
2ـ اعتبرت الطبقة الاكبر الطبقة الاصغر بانهم عبيد او ما يصطلح به بـ (سبارتكوس).
3ـ راجع تفاصيل دخول القوات البريطانية الى العراق في: عبد الرحمن البزاز، العراق من الاحتلال حتى الاستقلال، مطبعة العاني، ط3، بغداد، 1967، من الفصل الثاني ـ الفصل الخامس.
4ـ المس بيل، قلق الملوك (من رسائل المس بيل)، ترجمة عبد الكريم الناصري، جمع وتحقيق بثينة الناصري، ط1، منشورات مكتبة النهضة، بغداد، 1973، من ص51 وما بعدها. 5ـ راجع : حنا بطاطو، المصدر السابق، الكتاب الثاني ـ الثالث.
6ـ عبد الرحمن البزاز، المصدر السابق، ص ص 248ـ 254، فيبي مار، تاريخ العراق المعاصر (العهد الملكي) ترجمة مصطفى نعمان أحمد، المكتبة العصرية، ط1، بغداد، 2006، ص ص 97ـ 109.
7ـ اريك هوبسباوم، الامم والنزعة القومية منذ 1780..، ترجمة عدنان حسن ومراجعة وتحرير مجيد الراضي، دار المدى، ط1، 1999، ص90.
8ـ لم تثبت المصادر التأريخية صحة هذه المعلومة، ولكن البعض يعتبرهم كذلك، والبعض الآخر اخفى انتماءهم الى الكرد لأنهم من طبقة ارستقراطية (أقطاعية) فلا يناسب هذا و حالة الصراع المستمرة مع الاكراد وقيادته الشعبية.
9ـ اغتيل في 18 كانون الثاني 1940، وكان وزيراً للمالية على يد شخص يحمل دوافع شخصية كما قيل حيث اعترف الجاني في افادته امام حاكم التحقيق السيد جميل الاورفلي بانه من قتل رستم حيدر بسبب عدم حصوله على وظيفة كان قد وعده بها، ان القاتل الحقيقي لحيدر رستم هو الطائفية السياسية البغيظة التي عملت عليها السلطات البريطانية فعند قراءة الرسائل الموجهة من علي محمود الشيخ الى ناجي شوقي المنشورة في كتاب اوراق ناجي شوكة تقدم ادلة بان وضع الثلاثينات ووزارة الهاشمي وانقلاب بكر صدقي عمقت الشرخ الطائفي وحرضت الناس على الطائفة الاكبر في البلد من حيث تدري او لا تدري، محمد حسين الزبيدي وآخر، اوراق ناجي شوكة، بيروت، ص ص 242 ـ 297.
10ـ لقد تولى ثلاثة من كبار الشيعة وزارات في العهد الملكي وهو صالح جبر ومحمد الصدر وفاضل الجمالي عدة مرات لرئاسة الوزارات العراقية اضافة الى وجود عدد من الوزراء الشيعة في وزارات سنية، راجع الملاحق رقم (1)، (2)، دليل الوزارات العراقية (1920ـ 2003)، المركز العراقي للمعلومات والدراسات قسم الدراسات والبحوث، دار نور الشروق، ط1، 2007، صص 48ـ 49.
11ـ خليل كنه، العراق امسه وغده، بيروت، 1966، ص440.
12ـ راجع الملحق (3)، دليل العراق، المصدر السابق، ص50، بطاطو، المصدر السابق، ج1، الملاحق.
13ـ عندما سُئل الملك فيصل الثاني والامير عبد الأله عن هذه الحالة اجاب بان الدكتور محمد فاضل الجمالي وهو من اسرة شيعية عرفية كان يشغل شبه وزير دائم للخارجية واستغربوا انه لا يوجد سفراء شيعة يمثلون العراق في الخارج فعدلت هذه القضية بعد مدة قصيرة وعين عبد الغني الدلي سفيراً للعراق في المغرب وتونس معاً وكان من اكفأ السفراء وعبد الامير الازري سفيراً للعراق في طهران ربما تكون استجابة العهد الملكي لحقوق الشعب اسرع او اهون من الفترات اللاحقة التي همش فيها دور الشيعة تماماً واقتصرت على اناس باعوا انفسهم للشيطان في زمن نظام صدام وكانوا يحسبون على الشيعة.
14ـ وهو قانون مثير للجدل حيث اعترفت المرجعية العليا الرشيدة في ايام السيد الحكيم "قدس سره" على بعض بنود هذا القانون رغم أن فيه تغييراً عما سبق من قوانين في العهود السابقة، راجع تفاصيل ذلك القانون في: جمال ناصر جبار الزيداوي، دراسات دستورية، مركز العراق للدراسات (35)، مبطعة البينة، ط1، العراق، 2009م.
15ـ راجع: اوريل دان، العراق في عهد قاسم "تاريخ سياسي 1958ـ 1963" نقله الى العربية جرجيس فتح الله، جم، دار نبز للطباعة والنشر، السويد، 1989.
16ـ عبد المجيد كامل، المنتظم في تاريخ العراق المعاصر (1914ـ1968)، مطبعة الجامعة، بغداد، 2008، ص ص 273ـ 369.
17ـ المنهاج الثقافي المركزي لحزب البعث العربي الاشتراكي، الكتاب الثاني، ص10.
18ـ المنهاج الثقافي، المصدر الساق، الكتاب الاول، ص22.
19ـ صدام حسين، نظرة في الدين والتراث، ص ص 14 ـ 15.
20ـ صباح سلمان، صدام حسين الرجل والقائد، ص108.
21ـ صدام حسين، المصدر السابق، ص5.
22ـ المنهاج الثقافي، المصدر السابق، ص9.
23ـ المصدر نفسه، ص12.
24ـ انظر: ثامر كامل محمد، دراسة في الامن الخارجي العراقي، فاضل البراك، المدارس اليهودية والايرانية في العراق (دراسة مقارنة)، مطبعة دار الرشيد بغداد، 1984.
25ـ صدام حسين، المصدر السابق، ص 20.
26ـ ثامر كامل محمد، المصدر السابق، ص23.
27ـ المنهاج، المصدر السابق، ص163.
28ـ كانت المس بيل تذكر الاقلية الايرانية الموجودة بالعراق، ولكنها تعمم فتطلقها على الشيعة بصورة عامة وذلك لاسباب سياسية وعلاقاتهم مع الدولة الايرانية آنذاك.
29ـ راجع للتفاصيل: هادي حسن عليوي، احزاب المعارضة السياسية في العراق 1968ـ 2003، دار الكتب العلمية، مطبعة مؤسسة التاريخ العربي، بيروت، د . ت، ص ص 225 ـ 228.
30ـ راجع الملحق رقم (1) و(2) و(3): دليل العراق، المصدر السابق، ص ص51 ـ 53.
الملاحق: