الفلوجة

الفَلّوجَة مدينة في العراق تقع ضمن محافظة الأنبار. وتقع المدينة على بعد 60 كيلو مترا شمال غرب العاصمة بغداد، ويسكن فيها عشائر وأفراد من قبائل عربية تدين بالإسلام. ومعنى الفلوجة في اللغة هي الأرض الصالحة للزراعة حيث تتفلج تربتها حين يمسها ماء السماء عن خيرات الأرض. يبلغ عدد سكان المدينة 275,128 نسمة في عام 2011م، حسب تقديرات منظمة وزارة التخطيط العراقية،وأما القضاء والنواحي التابعة للقضاء عام 2011 بحوالي 500 الف نسمة تقريبا، وينحدر أغلب سكان الفلوجة من عشائر الكبيرة في العراق وهي عشائر الدليم بكل فروعها (البو علوان والمحامدة والفلاحات والحلابسة والبونمر والبوفهد) والجميلة ، والجبور والكبيسات، والبوعيسى والعزة والجنابيين وزوبع وقبيلة بني تميم بفروعها (العيايشة والبو ذهيبة والبو سهيل والبو فياض)، بالإضافة إلى مجموعة من العشائر الأخرى وكما يوجد بها مجموعة من الأكراد.

يطلق على المدينة أيضا لقب (مدينة المساجد) لكثرة المساجد فيها والتي يبلغ عددها 132 مسجداً، وبمصادر أخرى يتجاوز العدد ال (220) مسجداً.

تاريخ

هناك مؤشرات إن المنطقة المحيطة بالمدينة موغلة منذ القدم وإنها كانت آهلة بالسكان منذ زمن البابليين. وهناك عدة نظريات عن منشأ تسمية المدينة، وأحد هذه النظريات يرجع أصول تسميتها إلى الكلمة الاكادية (بلوكاتو) أو (فلوقات)، ولم تشير الدراسات التاريخية بالدقة والتحديد عن تاريخ نشوء الفلوجة أو استيطان الإنسان لها.

بنيت مدينة الفلوجة قرب مدينة الأنبار التأريخية والتي فتحها خالد بن الوليد عام 12 هجرية الموافق 633 م، في عهد الخليفة عمر بن الخطاب.

وتعرف الفلوجة بمدينة المساجد لكثرة المساجد ومنها الجامع الكبير المؤسس عام 1899م، وجامع الخلفاء وجامع أبي بكر الصديق وجامع عمر بن الخطاب وجامع عثمان بن عفان وجامع علي بن أبي طالب، وجوامع أخرى كثيرة.

ولقد إتخذ العثمانيون مدينة الفلوجة كمحطة استراحة لهم في الطريق الصحراوي المؤدي إلى بغداد. وفي عام 1920 ابان الأحتلال البريطاني، شهدت المدينة اضطرابات بسبب مقتل الضابط الأنكليزي جيرارد ليجمان على يد أحد شيوخ العشائر.

وفي عام 1941م، حينما فرضت بريطانيا انتدابها على العراق، بعد أن احتلته قواتها في أعقاب الحرب العالمية الأولى وفصلته عن الدولة العثمانية، حاولت قوات الاحتلال البريطاني دخول الفلوجة لتأديب المقاومة هناك، فواجهت دفاعا مستبسلا وشرسا من أهلها وهزمت بالمدينة.

في عام 1947م، كان يبلغ عدد سكان مدينة الفلوجة حوالي 10,000 نسمة فقط، وبعد الاستقلال أزداد عدد سكان المدينة بسرعة. وكان لموقعها على الطريق السريع قرب بغداد جعلها مدينة مهمة بالنسبة للتجارة وبالإضافة لاحتوائها على منطقة صناعية.

وفي عهد الرئيس العراقي السابق صدام حسين كانت المنطقة تعتبر أحد المناطق الرئيسية في العراق وعدد من ضباط الجيش العراقي السابق و حزب البعث ولكن هذا لم يمنع من قيام بعض الحركات ضد حكم الرئيس السابق صدام حسين منها حركة محمد مظلوم الدليمي في التسعينات والتي انتهت بقمعها وإعدام قادتها ومواجهات واسعة في الرمادي.

الفلوجة بعد سقوط بغداد في 9 ابريل 2003م

كانت الفلوجة إحدى المدن الهادئة بعد سقوط بغداد مقارنة بالمدن الأخرى حيث لم تقع فيها أعمال السلب والنهب التي أعقبت سقوط بغداد والتي انتشرت في بعض المناطق في العراق وخاصة العاصمة بغداد. وعندما قامت القوات الأمريكية بدخول الفلوجة وأخذ مراكز لها في مباني المدارس وبعض مباني الدوائر الرسمية الأخرى ومقرات حزب البعث في 28 ابريل 2003م، قام 200 شخص من سكان المدينة بتظاهرة احتجاجية على تصرفات الجنود الأمريكان من اعتقالات ومداهمات وأنتهت هذه التظاهرة بصورة عنيفة حيث قتل 17 من الأشخاص المشاركين في التظاهرة وجرح 30 شخصاً تقريبا، أمام إحدى المدراس التي أستخدمها الجيش الأمريكي كمواقع عسكرية، ويعتبر بعض المراقبين هذه الحادثة الشرارة الأولى التي أدت فيما بعد إلى نشوب عمليات المقاومة ضد جيش الاحتلال الأمريكي وإلى ما يعرف بمعركة الفلوجة الأولى.

في 2 أكتوبر 2003 أسقط مسلحون عراقيون مروحية شينوك أمريكية في الفلوجة - ضاحية الكرمة مما أدى إلى مقتل 16 جندي أمريكي وجرح 26 أخرىن.

وفي 31 مارس 2004 وقعت عملية تم نشرها من قبل وكالات الأنباء العالمية حيث تم قتل أربعة من حراس وموظفي شركة بلاك وتر الأمريكية في المدينة وتم سحل جثثهم في الشوارع وحرقها وعلقت الجثث فيما بعد على جسر في أطراف المدينة يطل على نهر الفرات.

وردت القوات الأمريكية على هذه العملية بسلسلة من القصف المكثف انتقاماً من أهالي المدينة بحجة القضاء على تنظيم القاعدة وحاولوا السيطرة على المدينة وذلك بمساعدة الجيش العراقي إلا إن أهالي الفلوجة تصدوا للقوات الأمريكية المدججة بالسلاح وحرموها من السيطرة على المدينة،

وفي خلال معركة الفلوجة الثانية وقبل الهجوم البري على المدينة قامت القوات الأمريكية بقطع تيار الكهرباء والمياه عن المدينة وبقصف المدينة لأكثر من خمسة أشهر متواصلة منذ شهر أيار 2004 إلى بداية الهجوم في نهاية عام 2004. وقامت القوات الأمريكية بتدمير المستشفيات والمراكز الطبية وقد استعمل الجيش الأمريكي مختلف الأسلحة الكيماوية المحرمة دولياً القنابل الفوسفورية وقنابل النابالم شديدة الاحتراق على أهالي الفلوجة فأدى إلى مقتل العديد من المدنيين ونزوح الآلاف ومن ثم قامت القوات الأمريكية بمساندة قوات الحرس الوطني بعمليات تخريبة لمباني ومساجد وبيوت المدينة.

واستطاعت القوات الأمريكية دخول مركز المدينة ولكن بعد دخولها عادت الجماعات المسلحة للمقاومة وقد استمرت الاشتباكات والمواجهات حتى أواخر عام 2007م.

في15 نوفمبر 2004م، أعلن أياد علاوي في مقابلة متلفزة انتهاء معركة الفلوجة وأن الهجوم على الفلوجة حقق أهدافه بالرغم من أن القتال استمر بعد ذالك.

في منتصف ديسمبر 2004م سمح للنازحين من سكان الفلوجة بالعودة إلى منازلهم بعد إجراء تدقيقات تحليلية على العائدين حيث زود العائدون ببطاقات شخصية خاصة من قبل القوات الأمريكية.

في 24 ديسمبر 2004م أضطرت القوات الأمريكية إلى الانسحاب إلى الأحياء الشرقية من المدينة بسبب هجمات الجماعات المسلحة.

في 28 ديسمبر 2004م نشرت جماعة مسلحة شريط يظهر اعدام ونحر 20 من أفراد الحرس الوطني العراقي في الفلوجة بتهمة القتال إلى جانب الجيش الأمريكي.

بعد معركتي الفلوجة منذ بداية عام 2005م وحتى أواخر 2007م، استمرت أعمال العنف والقتال المسلح في مدينة الفلوجة مع التفجيرات والعمليات المسلحة.

الوضع في مدينة الفلوجة من 2003 وإلى الآن

تعرضت المدينة إلى أضرار في بناياتها وبنيتها التحتية خلال معركة الفلوجة الثانية التي أعقبت غزو العراق وسقوط بغداد في 2003م، والتي قدرت بإلحاق أضرار في 90% من مرافق وبنايات المدينة.

استنادا إلى تقارير القوات الأمريكية فإن أكثر من نصف البيوت في الفلوجة والتي ويقدر عددها 11,000 منزل من 7,000 منزل قد تعرضت إلى أضرار واستنادا على تقارير من شبكة ان بي سي (NBC) الأخبارية فان 3000 منزل قد دمر وقد قامت القوات الأمريكية بتعويض 2,500 طلب تعويضا عن الأضرار فقط.

نموذج على بعض الأحداث التي شهدتها المدينة بعد اعلان علاوي انتهاء العمليات العسكرية في الفلوجة:

  • في 18 مارس 2007 قام مسلحو تنظيم القاعدة بتفجير صهريج لغاز الكلور السام جنوب الفلوجة تسبب في مقتل ثلاث جنود أمريكيين وشخصين واختناق 350 شخص في الفلوجة - ناحية العامرية.

  • في 18 مايو 2008 انسحبت القوات الأمريكية تقريباً بالكامل من مدينة الفلوجة.

  • في 26 يونيو 2008 قتل ثمانية جنود أمريكيين وجرح ستة وعشرين أخرىن عندما قام شرطي بتفجير حزام ناسف على تجمع لجنود أمريكيين في الفلوجة - ضاحية الكرمة.

  • تشهد الفلوجة هدوء واستقرار بعد سيطرة الشرطة على مدينة الفلوجة بعد إخراج مسلحي القاعدة وبعد انسحاب القوات الأمريكية من القواعد والثكنات العسكرية في بداية شهر آيار/مايو من سنة 2008م. وحسب تصريحات قيادة شرطة الفلوجة فقد عاد (155,000 شخص) من النازحين إلى الفلوجة خلال عامي 2007م-2008م.

  • في بداية عام 2014 سيطر عليها تنظيم (داعش) بالكامل.

  • وفي 26 مايو 2016 م تم تحرير كرمة الفلوجة بالكامل من سيطرة داعش، فيما تشهد مدينة الفلوجة تراوح في السيطرة بين القوات العراقية والحشد العشائري من جهة وتنظيم داعش من جهة أخرى.

  • وفي 17 يونيو 2016م أعلنت قيادة العمليات المشتركة تحرير قائممقامية الفلوجة ومستشفى الفلوجة العامة وتحرير حي نزال وحي الشهداء بالكامل بعد معارك عنيفة ضد تنظيم داعش.

  • في اليوم الأحد (26 حزيران 2016)حررت مدينة الفلوجة بالكامل من تنظيم "داعش".

المصدر

انظر ايضا