حلبجة

مدينة حلبجة.. تاريخ عريق

تقع مدينة حلبجة في شمال شرق العراق على خط طول 46 درجة شرقا، بين خطي عرض (35-36) شمالا و تبعد (83كم) عن مدينة السليمانية جنوبا و(16كم) من الحدود الإيرانية، و تحتل مساحتها الجزء الشرقي من سهل شهرزور، وهي تكون في الجزء المرتفع من هذا السهل ، فهي على ارتفاع (726م) عن مستوى سطح البحر، كانت مساحة القضاء في عام 1952 (3153كم2) ولكن نتيجة التغيرات و الأوضاع الحاصلة باستمرار في المنطقة ، أصبحت مساحتها في عام 2005 (796كم2) وبهذا تحتل (9.1%) من مساحة محافظة السليمانية.

من الناحية الطوبوغرافية ،تحيط بالمدينة سلاسل جبلية من ثلاث جهات، شمالاً جبال(هورامان) الشاهقة ومن الجنوب سلسلة جبال (بالامبو ) ومن الشرق سلسلة جبال (شنروي)ومن الشمال الشرقي بحيرة دربنديخان التي تحيط بها بشكل نصف دائري و من الجزء الجنوبي للمدينة سهل(شهرزور) الذي له خصوصيته اذ بسبب تساقط الأمطار اصبح سهلا خصبا للزراعة وتربية المواشي ، فهو من المصادر الرئيسية من الناحية الاقتصادية لحلبجة. ، كما ان في حلبجة العديد من المناطق السياحية الصيفية والشتوية التي يتوجه اليها سنويا عدد كبير من السياح ومن هذه المصايف (أحمد آواو جاوك وعبابيلي وكولان وآويَسر و بيارةو زلَم و ميشلة ونورولي وسازان ....إلخ . ويقدر عدد سكان محافظة حلبجة (فيما لو تم إقرارها كمحافظة)ما يقارب 400000 أربعمائة الف نسمة، اي مجموع ساكني أقضية(حلبجة، بينجوين، سيدصادق، شهرزور) الحالية.

ملخص عن تاريخ حلبجة

مدينة حلبجة لها تاريخ عريق، وحسب المصادر التاريخية فإنها تعود الى عصر الـ ( لولويين ) ومعروفة بـ (هارهار) أو (كاروكين) ، في عصر الأكديين وفي عام (3500 ق م هجم (سرجون الأكدى) على منطقة شهرزور وحلبجة وبعد ان احتلها بالقوة اسماها بـ (كارشاروكين). وبعد ذلك أصبحت جزء من دولة (ماد) ، وقبل ظهور الإسلام وقعت هذه المنطقة تحت نفوذ الإمبراطورية الساسانية التي مارست سياسة العنف والإذلال تجاه أهالي المدينة ، وفي الحقيقة هناك العديد من الآثار القديمة الباقية في مدينة حلبجة يعود تاريخها إلى عصر ما قبل الميلاد وعصر الماديين والساسانيين، ومنها تل (بكراوا) و مدينة (خرمالَ) و منطقة (سازان) و ...إلخ

فتحت المنطقة في عام ( 20هجري/ 641 ميلادي ) من قبل قائد المسلمين (عتبة بن فرقد) وأصبحت جزءاً من الدولة الإسلامية ، وفي العصر العباسي ما بين الأعوام ( 348-406 هجري / 959-1015 ميلادي ) حكمت الإمارة الحسنوية التي كانت إمارة كردية في هذه المنطقة ، وبعدها حكمت الإمارة العنازية في (1016-1117م) . اذ هناك آراء مختلفة حول إعمار حلبجة لكن أكثرهم متفقون على ان إعمار هذة المدينة يرجع الى عام (1700م) على يد عدد من العوائل قرب (مسجد تكية) الان وقد أقاموا معهم عددا من العوائل اليهودية وعاشوا معاً, فطبيعة المنطقة والمناخ المناسب لهذة المدينة شجع اليهود على الإقامة فيها وقد بنوا بيوتهم قرب بيوت المسلمين وعاشوا معاً. وفي عام (1830م) وقد دخل (ريج) حلبجة يسمها بالمدينة ويحدد مكانها الجغرافي بنهاية سهل شهرزور في الجنوب الشرقي لمدينة السليمانية في عام (1883م) يعين محمود باشا قائم مقاماً لحلبجة من قبل الدولة العثمانية , وبعد ذلك في عام (1889م) وسمان باشا الجاف . يعين كقائم مقام حلبجة لان المذكور وبسبب انشغاله بشؤن الحكومة والسفر الى خارج قضاء حلبجة, زوجتة (عاديلة خان)المعروفة ب(خانم وسمان باشا) تقوم بادارة شؤون حلبجة الى ان تقلدت منصب الحكم بشكل تام وما بين(1909-1924م) اكبر سلطة موجودة آنذاك ومن جانب الإنكليز منحت (خانم وسمان باشا) لقب(بهادور خاتون)، وفي تلك السنة (1889) مع إصدار قرار بخصوص قضاء حلبجة تم ايضا إصدار قرار بخصوص قضاء (كويت)، وفي سنة (1968) قد اقترح من قبل الحكومة العراقية لتصبح محافظة مع دهوك و النجف الأشرف، ولم يتم .

مدينة حلبجة لها دور فعال في الأحداث السياسية ففي عشرينات القرن المنصرم في عام(1921م) شاركت بـ32 مسلح الذين واجهوا (500) جندي مسلح إنكليزي . في عام(1947) ثار أهالي حلبجة ضد معاهدة بورتيموس (1954) قاموا بثورة ضد (الملك فيصل)ولهذا السبب دعا المذكور الى انتخابات غير قانونية .وفي عام (1955م) قاموا بثورة جديدة ضد معاهدة بغداد . وبعد ذلك وقعت ثورة حلبجة تحت بطش الحكومة العراقية في ذلك الوقت .وفي عام (1974م) بعد الثورة كانت النتيجة ان الحكومة لم تستطع ان تصل معها الى الحل بصورة سلمية فتركت المدينة فتحررت وبعدها اتجه الكثير من الثوار الى مدينة حلبجة . نتيجة لذلك قامت الحكومة العراقية بقصف جوي بقنابل نابالم. ونتج عنه 36 شهيد و50 جريح ولجوء أهالي مدينة حلبجة الى ايران .

وكذلك ثار أهالي حلبجة في عام 1987م ضد السياسة القمعية لحزب البعث , وكان نتيجة ذلك تفجير محلة (كاني عاشقان) بقنابل (تي ان تي) فقتلوا ما يقارب 37 شهيدا ومنهم من دفن وهو على قيد الحياة وعدد من الجرحى وسجن مئات من الشبان ونزوح آلاف العوائل الى ايران. وفي عام 1988م تحت الظلم وقساوة النظام السابق وللنجاة من هذه الحالة والتخلص من الظلم المستمر قامت ثورة كبيرة وتم إخراج البعثيين خارج مدينة حلبجة وحرروها وأعادوا البسمة لشفاه أهلها. بالمقابل قامت الحكومة العراقية بالهجوم الكيمياوي في16/3/1988م نجم عن ذلك(5000) شهيدا وآلاف من الجرحى وخربت المدينة ونزح جميع الأهالي الى ايران. ومن هنا يظهر ان مدينة حلبجة على امتداد التاريخ هي مدينة مناضلة. وقفت أمام السياسة المتعجرفة الفاشية للحكومة العراقية في عهد النظام البائد.

الجانب الحضاري

تعد مدينة حلبجة مدينة حضارية في العراق ، حيث ظهر فيها الكثير من العلماء والشعراء والأدباء والمؤرخين والسياسيين....الخ، وفيها كثير من المدارس العلمية , وبسبب ذلك كان لها تأثير فعال في التاريخ المعاصر ، وقد تخرج فيها كثير من العلماء والنشطاء والمثقفين الذين لهم دور بارز في التربية والتعليم و كان لهم دور بارز في العراق والعالم الإسلامي عموما، من بينهم (احمد مختار جاف) كان مندوب الكرد في البرلمان العراقي، و (المؤرخ توفيق وهبي) وكان وزيراً للاقتصاد في وزارة (حمدي باججي) عام 1944، و (ملا حسن دزلي) الذي كان أستاذا في جامعة الأزهر و ( الشيخ الملا عبدالكريم المدرس) الذي كان مفتي العراق منذ الثمانينات إلى عام 2005 ، و الشخصية القانونية والدينية (الأستاذ مصطفى الزلمي) الذي كان له دور كبير في كتابة دستور العراق و إقليم كردستان. وفي مجال حقوق المرأة وانخراطها في مجال السياسة والإدارة من بينهن عادلة خان : زوجة عثمان باشا احدى الخاتونات والتي كانت لها مكانة مرموقة في أحداث عصرها في هذه المدينة وكانت من عائلة (صاحب قران ) وحكمت حلبجة فترة بشكل مباشر. فقد ظهر عدد كبير من الشخصيات (الدينية , الثقافية , السياسية, رجال المعرفة و أشخاص معروفون) في حلبجة ولهم دور ظاهر ومؤثر في تاريخ المدينة وكافة الأحداث السياسية والاجتماعية في عصرهم . وقد عرفت حلبجة بمدينة الشعراء حيث ظهر فيها عدد من الشعراء الكبار أمثال أحمد مختار الجاف، عبدالله بيك كوران, مولوى، قانع، صالح هةزار, ع. ع. شونم, خورشيدة بابان , طاهر بيك,محمود ياروه يس ...)

المصدر