الحرب العالمية الثانية
1939 – 1945
إن معظم أسباب الحرب العالمية الثانية وموجباتها تولدت من نتائج الحرب العالمية الأولى (1914-1918). فمعاهدات مذ الصلح التي وقعت في فرساي لتصفية أمور الحرب كانت أساسا للحرب المقبلة الني كانت حربا عالميا مدمرة حملت أفدح الخسائر للبشرية .
الأسباب الأساسية للحرب
الأسباب السياسية
1 _ المعاهدات التي عقدت بعد الحرب العظمى. والني فرضت غرامات باهظة على ألمانيا وقيدت تسلحها وحرمتها من أسطولها التجاري وتقاسمت مستعمراتها. وفرضت الذل علبها.. مما دفع ألمانيا عندما استردت عافيتها إلى التنصل من تلك المعاهدات و المطالبة بالمجال الحيوي مدفوعة بعوامل اقتصادية و اعتبارات قومية أدى ذلك إلى قيام الحرب .
2- فشل عصبه الأمم: ومشاريعها في التعاون الدولي و وتسلط الدول الكبرى التي هيمنت عليها. ومما زاد في ضعفها انسحاب بعض الدول من عضويتها كاليابان و ألمانيا و عجزها عن إيقاف نوسع الدول و انتهاك حرمة القانون الدولي و حرية الشعوب .
3 _ ظهور دول الأنظمة الجديدة: التي تسابقت إلى التسلح لتصبح أقوى من الدول الديمقراطية وإقامة الأحلاف العسكرية فيما بينها كمحور (برلين_ روما) و(روما _ طوكيو) .
4- سر اختلال التوازن الدولي: نتيجة توسع بعض الدول في مناطق ومستعمرات جديدة هددت من خلاله مصالح دول أخرى... كتوسع اليابان في الصين وايطاليا في إفريقيا مما حرم بعض الدول الأوربية (إنكلترا - فرنسا) من أسواق تلك المستعمرات.
ا لأسباب الاقتصادية والاجتماعية
مر معنا في الأبحاث السابقة الأزمات الاقتصادية والاجتماعية التي عانت منها أوربا بعد الحرب العالمية الأولى وكان من أبرزها أزمة عام 1929 التي بدأت من الولايات المتحدة وانتشرت إلى أوربا. وأدت إلى انخفاض أسعار المواد الأولية والبضائع والى ضعف كبير في التجارة العالمية... حيث تكدست البضائع في الموانئ ومخازن المعامل وانتشر الكساد وضعفت القوة الشرائية... فاضطرت المصانع إلى إغلاق أبوابها فنقاد هذا إلى بطالة كبيرة بدن العمال تركت آثارا سلبية على حياة المجتمع ومما زاد في حجم الأزمة إتباع الدول ذات الأنظمة الجديدة (روسيا -ألمانيا- إيطاليا) سياسة الاكتفاء الذاتي وعدم
الاستيراد من الدول الصناعية الغربية.
كما أن انصراف الدول الأوربية عموما إلى التسابق على التسلح استنفذ أموالها بشكل لم يعد بإمكانها الإنفاق على التنمية و العمران و الخدمات الاجتماعية.
الأسباب الفكرية
والتي تشكلت بقيام الصراع العقائدي الفكري بين الأفكار الاشتراكية والرأسمالية من جهة وبين المبادئ التي أعلنتها الأنظمة الفاشية والنازية ضد الديمقراطيات الأوربية و الماركسية من جهة أخرى .
وكان الألمان والإيطاليون يعتمدون في دعايتهم على ألكشف عن الأخطار الجسيمة التي تهدد مجتمعاتها من جراء انتشار الشيوعية العالمية.. غير أن الاعتبارات السياسية طغت قبيل الحرب على الاعتقادات الإيديولوجية لدى النازية التي هادنت الاتحاد السوفيتي واتفقت معه على اقتسام بولونيا عام 1939 لتلتفت إلى محاربة فرنسا وانكلترا بعد ذلك.
الأسباب المباشرة
جاءت الشرارة التي أشعلت نار الحرب من قضية ضم ألمانيا للممر البولوني. ذلك أن عصبة الأمم وقفت عاجزة كما رأينا أمام التوسع الألماني في النمسا وتشيكوسلوفاكيا ولم تكن انكلترا و فرنسا وقتها بحالة تسمح لهما بخوض الحرب مع ألمانيا.
إلا أن أطماع هتلر لم تتوقف عند ذلك فقد طالب في آذار 1939 بضم الممر البولوني الذي يفصل بين ألمانيا وبروسيا، وبمدينة دانزيغ الحرة التي كان معظم سكانها من الألمان فخشيت إنكلترا وفرنسا من تزايد أطماع ألمانيا فأسرعتا إلى عقد تحالف مع بولونيا تعهدتا بموجبه بحماية استقلالها.
ولكن هتلر لم يبال بذلك التحالف فشن هجومه الكبير في الأول من أيلول على الأراضي البولونية.. بعد أن ضمن حياد روسيا وتأييد إيطاليا واليابان له..
لم تجد إنكلترا وفرنسا مناصا بعد أن وضحت أهداف هتلر التوسعية من إعلان الحرب على ألمانيا في 3 أيلول 1939 .. وبذلك اندلعت نار الحرب العالمية الثانية.
خصائص الحرب
تعد الحرب العالمية الثانية من أكبر وأخطر الحروب التي مرت بتاريخ البشرية لما اتصفت به من خصائص أهمها:
1 - الصفة العالمية لتلك الحرب فعلى الرغم من عالمية الحرب الأولى إلا أنها لم تبلغ من حيث اتساع رقعتها ما بلغته الحرب العالمية الثانية والتي امتدت من أوربا إلى الوطن العربي وقارة إفريقيا واسيا و أوقيانوسيا وشاركت بها الولايات المتحدة الأمريكية فضلا عن اشتراك معظم دول العالم فيها. ومرد ذلك إلى طبيعة ترابط علاقات العالم بعضها ببعض في المواصلات والاقتصاد والأفكار..
2 - أخذت الحرب صفة الدفاع عن المبادئ ومصلحة الأمة القومية في الوجود.
3 - بلفت الخسائر البشرية والتدمير في المدن والمصانع والمزارع والأموال حدا لم تصله الحروب السابقة.
4 - استخدام السلاح الذري المدمر في هذه الحرب
استمرت الحرب العالمية الثانية مدة ست سنوات و قد مرت أحداثها الحربية بثلاثة أدوار متلاحقة بدأت بأنتصار ألمانيا الباهر و انتهت بخسائرها الفادحة أمام هجوم الحلفاء الكاسح وهذه الأدوار هي :
دور الانتصار الألماني (1939 – 1941 )
_ فقد استطاعت ألمانيا مع بداية الحرب احتلال بولونيا ودخول عاصمتها وارسو كما احتلت النروج والدانمرك لضمان وصول الحديد من السويد إليها
_ أما على الجبهة الغربية فتأخرت المعارك إلى شهر نيسان 1940 ولي يصمد خط ماجينو الدفاعي الذي أقامه الفرنسيون أمام المصفحات والفرق العسكرية الألمانية. التي استخدمت أسلوب الحرب الصاعقة في هجومها. الذي امتد من هولندا إلى الألزاس واشترك فيه السلاح الجوي. فاستسلمت هولندا وبلجيكا ودخل الألمان باريس.
ووقع الجنرال الفرنسي بيتان الهدنة.. في حزيران.. وقسمت فرنسا بموجب ذلك إلى قسمين:
- قسم يشمل المناطق الشمالية والغربية تحت الاحتلال الألماني.
- قسم آخر يشمل وسط فرنسا وجنوبها ومركزه مدينة فيشي، وشكلت فيه حكومة فرنسية موالية للألمان يرأسها ( بيتان) .
وفي الوقت ذاته شكل الجنرال ديغول حكومة فرنسا الحرة في إنكلترا التي دعت إلى مواصلة الكفاح ضد المحتلين الألمان.
وتعرضت إنكلترا لهجمات الغارات الألمانية الجوية، وفي حزيران 1941 شن هتلر هجوما كاسحا على روسيا بتقدم /200/ فرقة عسكرية اجتاحت الأراضي الروسية. ولكنها أخفقت في احتلال موسكو ودخول لينينغراد التي استمات أهلها في الدفاع عنها
حروب إيطاليا
دخلت إيطاليا الحرب في حزيران 194 وسيطرت على مناطق من البلقان كما احتلت ألمانيا يوغسلافيا واليونان وكريت ودعمت القوات الإيطالية في ليبيا بفرق ألمانية بقيادة رومل الذي تقدم إلى مصر و اشتبك مع القوات الإنكليزية عند العلمين غربي الإسكندرية.
دور التوازن (1942)
استعاد الانكليز والفرنسيون السيطرة على سورية وقضوا على حكم الفيشيين وثورة الكيلاني في العراق وتقاسمت روسيا وانكلترا احتلال إيران
إلا أن دخول اليابان الحرب في كانون الأول 1946 إلى جانب ألمانيا ادخل عنصرا جديدا بالحرب فقد قصف اليابانيون القاعدة البحرية في (بيرل هاربر) للولايات المتحدة مما جرها إلى دخول الحرب إلى جانب الحلفاء واستطاع اليابانيون بحرب صاعقة السيطرة على الشرق الأقصى ( الصين – الفيليبين- اندونيسيا) وظهرت حرب الغواصات واستطاع السوفييت في معركة لينينغراد تطويق الجيش الألماني واستسلامه وكانت تلك أول خسارة يقلقاها الجيش الألماني ونقطة الانقلاب في الحرب كما انتصر الحلفاء في الملمين علي الجيشين الألماني و الايطالي وانزلوا قواتهم في شمالي إفريقيا، وسيطروا على ملاحة المتوسط، وبقية المعارك بصورة عامة سجالا بين الطرفين.
دور الانهيار الألماني وانتصار الحلفاء ( 1943 - 1945 )
جاء نصر الروس في لينينغراد وانتصار الحلفاء في شمالي إفريقيا مشجعا وقد تقدمت قوات الحلفاء إلى ايطاليا وأنهت حكم موسوليني الذي اعدم فيما بعد في م نيسان 1945 لم وتابع الروس في الشرق تقدمهم وخاضوا أقسى معارك الحرب ضد الألمان حتى تمكنوا عام 1944 من تحرير بلادهم متابعين تقدمهم نحو بولونيا.
وخلال ذلك عقد الحلفاء عدة مؤتمرات في طهران والقاهرة لتدارس أوضاع الحرب، وتم الاتفاق على إنزال القوات الحليفة الأمريكية على ساحل النورماندي الفرنسي في حزيران 1944 حيث أصبحت ألمانيا محاصرة بهجومين : الروس من الشرق و قوات الحلفاء من الغرب و استطاع الحلفاء احتلال برلين في 22 نيسان 1945 وإسقاط النظام ألنازي الذي عانت منه أوربا واختفى هتلر في ظروف غامضة. ولكن المعارك استمرت في الشرق بين اليابان والحلفاء مدة ثلاثة أشهر أخرى إلى أن ألقت الولايات المتحدة قنبلتين ذريتين على مدينتي هيروشيما ( 6 آب 1945 ) وناغازاكي ( 9 آب 1945 ) فاستسلمت اليابان دون قيد أو شرط وانتهت بذلك الحرب.