صناعة النفط في مرحلة ما بعد صدام
أوضاع صناعة النفط في فترة النزاع مع الجماعات المسلحة
وفقا لدانيال يرغين المحلل الشهير لصناعة النفط، كانت صناعة النفط العراقية في عام ٢٠٠٣ تعاني من سنوات من الاهمال ونقص الاستثمارات، فضلا عن الإدارة الفوضوية في أعقاب انهيار النظام البعثي. حيث أنه في هذه المرحلة كانت فقط ٢٣ حقل من الحقول الثمانين المكتشفة في حالة انتاج وذلك بسبب الحرب والعقوبات منذ الثمانينات. أصبح ثامر غضبان رئيس وزارة النفط، وفيليب كارول، المدير التنفيذي السابق لشركة شل للنفط الولايات المتحدة الأمريكية، جوهر الفريق المكلف بإحياء هذه الصناعة، فقد حدد هذان الشخصان هدفاً للوصول بمستوى الإنتاج إلى ٣ ملايين برميل يومياً بحلول نهاية عام ٢٠٠٤. وذكر كارول أن الأولوية الملحة لاستعادة صناعة النفط وبقية قطاعات الاقتصاد تكمن في الأمن.
فمع بدء تكثيف العمليات القتالية ضد الولايات المتحدة وتدهور الحالة الأمنية تعرضت البنية التحتية لصناعة النفط للهجوم، فقد تم تفجير خطوط الأنابيب بشكل منتظم منذ عام ٢٠٠٣ وما بعد، وفي عام ٢٠٠٤ شن مسلحون هجوماً على منصة العمية باستخدام انتحاريين الذين وصلوا لسمافة ٢٧ متر من المكان ولكن الحراس العراقيين تمكنوا من اطلاق النار عليهم مما ادى إلى تفادي الكارثة.
منذ سقوط نظام صدام حسين حتى عام ٢٠٠٨ كانت هناك أكثر من ٣٠٠ حادثة أثرت على سلامة المنشآت النفطية، فمايزال انتاج النفط دون المستويات المحددة حيث انخفض الانتاج إلى أقل من المعدل المستهدف وبالتالي تم في عام ٢٠٠٦ تحديد معدل مستهدف جديد لعام ٢٠٠٧ ليكون ٢٫١ مليون برميل يومياً.
إعادة هيكلة الاقتصاد في العراق المحتل
أصدر مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة في ٢٢ أيار ٢٠٠٣ قرار رقم ١٤٨٣ المتضمن الغاء العقوبات المفروضة على العراق والاعتراف بالولايات المتحدة وبريطانيا كقوى احتلال للبلاد.
في ٢٠ أيلول قام بول بريمر، رئيس سلطة التحالف المؤقتة بإصدار الأمر ٣٩ وبالتالي تم تشكيل الحكومة الانتقالية من قبل الولايات المتحدة وحلفائها ابان غزو العراق. ألغى هذا الأمر حظر الاستثمار الخاجي فب العراق، والسماح للاجانب بتملك ما يصل إلى ١٠٠٪ في جميع القطاعات ماعدا الموارد الطبيعية، وبالتالي تم خصخصة أكثر من ٢٠٠ من مؤسسات الدولة بما فيها مؤسسات الكهرباء والاتصالات والمستحضرات الصيدلانية. تم في اطار الاصلاحات تحديد سقف الضرائب على الدخل والشركات بنسبة ١٥٪ وخفض التعريفة إلى معدل ٥٪ على كل شيء ما عدا المواد الغذائية والأدوية والكتب و الواردات الانسانية. ووصف الاقتصادي بالبنك الدولي جوزيف شتيغليتز الاصلاحات المنفذة بأنها" شكل أكثر تطرفاً للعلاج بالصدمة من التي تم تبنيها في العالم السوفياتي السابق". ووصف العراق من قبل مجلة الايكونوميست بأنها"حلم الرأسمالية".
حذر مراسل بي بي سي نيك سبرينج جايت أن العديد من العراقيين قد ينظروا إلى الخصخصة ك’عمليات بيع’ وان الشركات المتعددة الجنسيات الأمريكية ستحصل على الغالبية العظمى من ’المكافآت’. ومع ذلك رفض وزير الخزانة الامريكي جون سنو اعتبار أن الولايات المتحدة قد هيمنت على صياغة الاصلاحات، مؤكدا أنها تستند إلى أفكار مجلس الحكم العراقي.
إن تحركات سلطة التحالف المؤقتة لإعادة هيكلة الاقتصاد العراقي وجعله نظاماً متوافقاً مع نموذج اقتصاد الليبرالية الجديدة تسببت بالكثير من الجدل. ففي اذار ٢٠٠٣ كشفت مذكرة تسربت من قبل المدعي العام في المملكة المتحدة اللورد غولدسميث أنه نصح رئيس الوزراء البريطاني توني بلير بأن غزو العراق والاحتلال اللاحق للعراق كان غير قانوني، معبراً:“ رأيي هو أن هناك حاجة لقرار من مجلس الأمن يأذن بتطبيق الاصلاحات إعادة هيكلة العراق وحكومته، وأن فرض إصلاحات هيكلية رئيسية غير مأذون بها بموجب القانون الدولي.
أدعى فيليب كارول الذي كان مسؤولاً عن انتاج النفط في العراق، أنه في عام ٢٠٠٣ أكد على أنه"لم يكن هناك خططاً لخصخصة موارد النفط العراقي ولا المنشآت عندما كان مسؤولاً" وقد جادل العديد من أجل خصخصة الأصول النفطية العراقية. مع ذلك ذكرت هيئة الاذاعة البريطانية أن خطط جديدة تدعو إلى إنشاء شركة نفط مملوكة للدولة وهذا ما فضلته صناعة النفط في الولايات المتحدة.
قانون النفط العراقي
في شباط ٢٠٠٧، وافق مجلس الوزراء العراقي المدعوم من الولايات المتحدة على قانون النفط الجديد الذي سيمنح الشركات الأجنبية عقود طويلة الأجل، والإطار القانوني الآمن الذي كانوا ينتظرونه.
وانتقد بعض المحللين ومجموعات العمل عملية صياغة القانون، محذرين من أن انحراف ذلك لمصلحة الشركات من شأنه أن يزيد من التوتر و عدم الاستقرار. لقد حددت مسودة القانون أن ما يصل الى ثلثي احتياطيات العراق المعروفة ستطور من قبل الشركات متعددة الجنسيات بموجب عقود دائمة لمدة ١٥ إلى ٢٠ عاماً. وبالتالي يعتبر هذا خروجاً عن الممارسة العادية في الشرق الأوسط وقد اشتكت جماعات المجتمع المدني ورؤساء النقابات من عدم تضمينهم في عميلة الصياغة، فالنقاد يدعون أنه بموجب القانون ستظل ملكية احتياطات النفط للدولة بالشكل وليس في الجوهر.
(لمزيد من المعلومات انظرمشروع قانون النفط والغاز العراقي).
معارضة النقابات
وقد تم معارضة احتمال خصخصة صناعة النفط العراقية من قبل نقابات العمال في العراق المحتل، والتي وصفها الغارديان في المملكة المتحدة بأنه "خط أحمر" بالنسبة للنقابات و"خرقة حمراء" للعاملين فيها. وأنهم تعهدوا بمقاومة أي خصخصة ما يعتبرونه أصولهم الوطنية.
بعد شعور النقابات العمالية بالقلق من أن تؤدي تشريعات النفط والغاز الجديدة إلى الخصخصة الكاملة لقطاع النفط العراقي، قامت في شباط ٢٠٠٧ ببعث رسالة إلى الرئيس العراقي جلال طالباني لحثه على إعادة النظر في مشروع قانون النفط، معلقةً بقولها:“اتفاقات تقاسم الانتاج هي مخلفات الستينيات" هذا ما ورد في الرسالة التي اطلعت عليهاوكالة اي بي اس للأنباء.“سيعيدون سجن الاقتصاد العراقي والمساس بسيادة العراق طالما أنهم فقط يحافظون على مصالح الشركات الأجنبية". ودعا العديد من النقاد إلى تقديم عقود الخدمات التقنية بدلا عن تقاسم الانتاج، وهذا يعني أن الشركة سوف تأتي وتقدم خدمات مثل بناء مصفاة، ووضع خط أنابيب، أو تقديم خدمات استشارية، ولكن السيطرة على إنتاج وتطوير النفط سيبقى مع الدولة العراقية.
ودافع مسؤولون في الحكومة العراقية عن القانون، قائلين أنه يمثل خطوة الى الأمام بالنسبة لبلد مزقته الحرب، وأنه سيتم توزيع عائدات النفط على جميع المحافظات ال ١٨ على أساس حجم السكان، و سيكون للإدارات الإقليمية له سلطة التفاوض على العقود مع الشركات النفط العالمية. ادعى باحث "لا يوجد بلد آخر في الشرق الأوسط بهذاالنوع من الاحتياطيات النفطية التي لدى العراق أن يفكر في التوقيع على اتفاق تقاسم الانتاج.... لأنها ليست في مصلحتهم ".
في عام ٢٠٠٧ جاء في القانون الذي جرت مناقشته من قبل مجلس الوزراء العراقي ان النفط غير مستخرج سيظل مملوكاً للدولة ولكن سيتم وضع عقود تعطي شركات القطاع الخاص الحق الحصري لاستخراجها. جادلت بريطانيا والولايات المتحدة أن العراق في حاجة عاجلة للاستثمار الأجنبي لزيادة الانتاج، والتي تدنت إلى أقل من ٢ مليون برميل يومياً، ومع ذلك أشارت دراسة استقصائية أجريت في عام ٢٠٠٧ إلى أن الرأي العام في العراق قاوم التدخل الدولي في هذه الصناعة، حيث تبين أن أكثر من ٦٣٪ من المستطلعين يفضلون الشركات العراقية بدلا من الشركات الأجنبية للقيام بتطوير النفط في العراق.
تعيين الشهرستاني
حسين الشهرستاني، وهو عالم نووي من خلال التدريب سجن خلال نظام صدام حسين، عاد من المنفى في كندا، وتم تعينه وزيرا للنفط في عام ٢٠٠٦. وهو من سيقوم بالإشراف على جولات المناقصات المقبلة واعتبرته أخبار الطاقة في العراق "مهندس مستقبل النفط العراقي". أما وفقا لمحلل الطاقة صامويل سيسزوك، كان ينظر للشهرستاني بأنه "الضامن للاستمرارية وذلك من وجهة نظر الشركات التي تستثمر في جنوب العراق"، ولكن النقاد يزعمون أنه لا يتقبل النصيحة.
المراجع