عبد الرحمن النقيب الكيلاني
عبد الرحمن النقيب الگيلاني شخصية مهمة لها اثر كبير في العهدين العهد العثماني والعهدالبريطاني وله دور مهم في سياسة العراق في الفترة من سنة 1920 ميلادية الى سنة 1922 ميلادية..
تاريخه السياسي
كان يعد الشخصية الثانية بعد شخصية الوالي بأعتباره نقيب اشراف بغداد والعلاقة بين العثمانين والنقيب الگيلاني كانت جيدة ’ اما في سنة 1920 م فقد اصبح الشخصية الثانية بعد المندوب السامي البريطاني ( برسي كوكس ) حين تسلم رئاسة الحكومة المؤقتة . والظاهر أن شخصيتة وثقافته ومنصبه في العهد العثماني وعلاقته الجيدة مع الانكليز هي التي أهلته لرئاسة الحكومة المؤقته ’ كما كانت السبب في ان يكون ( أحد المرشحين للعرش العراقي )..
اما بعد تتويج الملك فيصل على العرش العراقي فقد اصبح النقيب الشخصية الثانية بعد الملك فيصل بأعتباره رئيساً لمجلس الوزراء وحائزا لثقة بريطانيا بحيث كانت الحكومة البريطانية تفرضه على الملك فيصل وتجبره على ان يترأس الوزارة على الرغم من ان فيصلا كان لايرغب في التعامل معه ’ ربما بسبب كبر سنه ووجوب زيارته في بيته عندما يرغب في التباحث معه أو باعتباره أحد المرشحين للعرش العراقي ومعارضته لمجيئ أحد ابناء الشريف حسين على العرش العراقي ’ ومع ذلك كانت بريطانيا دائماً تصرّح ( بأن الملك فيصل هو ملك دستوري أما النقيب فهو يمثل السلطة التشريعية والتنفيذية معاً) ’ وفي بعض الاحيان كان المندوب السامي يتشاور مع النقيب في بعض المسائل ولا يخبر الملك فيصل وهذا ما يثير الملك عليه .
على الرغم من اعتماد الانكليز على النقيب لأهمية دوره في تصديق المعاهدة العراقية البريطانية ’ فقد تغيرت سياسة بريطانية تجاه النقيب حيث قُدّم بدله ( عبد المحسن السعدون ) ليترأس مجلس الوزراء بأعتباره شاباً طموحاً مؤيدا للسياسة البريطانية . ومثل هذا الموقف من البريطانين طبيعي ’ فهم يلتزمون الاشخاص بالقدر الذي تفرضه المصالح البريطانية .
حياته
ولد السيد عبد الرحمن النقيب بن السيد علي أفندي الكيلاني سنة 1261 هجرية في بغداد محلة باب الشيخ ’ من عائلة كريمة معروفة لها مكانة كبيرة في العالم الاسلامي تولت رئاسة نقابة اشراف بغداد والعالم الاسلامي من سنة 941 هجرية ففي 20 رمضان من السنة المذكورة أصدر ( السلطان سليمان القانوني ) فرمانا سلطانيا بتعين السيد ( زين الدين الكيلاني ) نقيباً لأشراف بغداد ( دار السلام ) ومنذ ذلك الحين والى عام 1962 م أي لمدة اربعمائة عام متصلة بيد السادة الكيلانية . وكان مقر هؤلاء السادة في الحضرة القادرية ’ لهذا كانت للسيد عبد الرحمن النقيب الكيلاني مكانة مرموقة ومتميزة عند العثمانين ومن بعدهم البريطانين . تتلمذ السيد عبد الرحمن على يد العديد من الملالي والاساتذة المرموقين في عصره أمثال الشيخ عبد القادر افندي ابن الحلاوية البزاز ثم قرأ العلوم العالية على يد الشيخ عبد السلام افندي الشواف ولا سيما العلوم العقلية وكذلك العلامة عيسى صفاء الدين وآخرين غيرهم . وكان محباً للعلم له مؤلفات ومخطوطات كثيرة ’ قيل عن النقيب انه كان ( عالما فاضلاً وكاتباً مؤرخاً ) وتبرع برواتبه لتشييد مدرسة ثانوية بالقرب من باب الشيخ ’ ليضيف بذلك موقفا جديداً الى مواقفه في انهاض الامة والوطن ’ كان كثير المطالعة شغوفاً باقتناء الكتب وجمع المخطوطات ’ وربما يكفي القول أن النقيب كان يملك واحدة من اكبر المكتبات الخاصة في بغداد ’ ضمت اندر المخطوطات وانفس الكتب ’ حتى انه كان يبعث بالرسل الى المدن والبلدان لأقتناء النادر والممتع والمفيد من الكتب والمخطوطات . ومن الجدير ذكره ان النقيب قد اهدى المكتبة القادرية ( 2973 مؤلفاً قيّماً ) وفضلا عن ذلك فقد عرف بأهتماماته الادبية واللغوية فكان مطلعاً على الادب العربي . مارس النقيب في حياته هوايات كثيرة ’ فعرف بميله الى العمل بالبساتين والعناية بزراعتها عناية بالغة حتى اشتهر بين الناس بخبرته في هذا المجال ’ وبقيت هوايته هذه في شيخوخته .
يقول أمين الريحاني ( كان عبد الرحمن النقيب يحمل في رأسه فلسفة روحية سياسية زراعية خالية من غش الاوهام ) وكان ايظاً يعني بالرياضة على طريقة الزورخانة التي كانت منتشرة بين العراقيين على نطاق واسع يومذاك ’ واستأثر المقام العراقي باهتمامه فتذوق انغامه وتحسس بالحانه فأحاط به أحاطة مكنته من التميز بين أصيله ودخيله ’ واهتم النقيب بأقتناء الخيل فقد كان فارساً له خبرة بالخيل واصولها وأمتلك الانواع النادرة منها والتي يعتز بها العرب والاحتفاض بها ’ كان النقيب يحب مجالسة اهل الخيل ويكرمهم ويستهويه الحديث معهم . ولم يكن غريباً أن يقيم النقيب للأنساب والاحساب وزناً كبيراً فقد كان نقيباً لأشراف بغداد ’ اعتاد عبد الرحمن النقيب ان يعقد مجالس يومية أما في ديوان الحضرة الكيلانية بباب الشيخ أو في قصره على نهر دجلة في محلة السنك ’ وكان يحضر هذه المجالس مختلف الناس ولا سيما العلماء والادباء من سائر الملل والنحل ووجوه المذاهب ’ وبحسب ما يذكره الدروبي فأن مجلسه ( كان اشبه بمجمع علمي يبحث في مختلف العلوم ) أو ندوة ادبية يتعهدها الشعراء والادباء وكان يبحث في مجلسه المسائل السياسية ويحضره رجالات الدولة واقطاب السياسة . تزوج النقيب مرتين وأنجب من امرئتيه سبع بنات و ثلاثة عشر ولداً .
مراكزه
عرف النقيب بميوله العثمانية الواضحة ومصدر ميوله عواطف دينية صرفة وعوامل أخرى ذاتية ’ قبل الحرب العالمية الاولى كانت علاقة الاتراك العثمانيين برئيس الطائفة القادرية الكبيرة والمتنفذة علاقة ودية توطدها المصالح المشتركة ’ وليَ عبد الرحمن النقيب رتبة النقابة بعد وفاة شقيقه السيد سلمان افندي النقيب بشهرين أي في الثالث عشر من شهر شعبان سنة 1306 هجرية ’ وبعد تعينه نقيباً اصبح عبد الرحمن حسب التقليد الجاري عضو في محكمة الاستئناف وعضوا ً طبيعياً في مجلس ادارة الولاية الذي كان يتألف من ( المكتوبجي والدفتر دار وعدد من اشراف بغداد ) وكان النقيب يعد العضو الاول بعد الرئيس الذي كان يشغله الوالي العثماني شخصياً . وقد حصل على اوسمة ونياشين كثيرة من السلطان العثماني ’ ولكن مع ذلك فأن النقيب اعجب بالانكليز وبتقدمهم قبل انهيار الامبراطورية العثمانية . وكان في اعتقاده ان العراق لا يتمكن من مجابهة الانكليز فلذلك كان يصرح بأنه يرغب في استمرار الحكم البريطاني على اعتبار انه من رعايا المنتصر . ( وكانت بريطانيا تحسب حساباً خاصا لنقيب اشراف بغداد الكيلاني لأن لهذه العائلة الكريمة كما اسلفنا تأثير كبير في العالم الاسلامي وكذلك في الهند التي تعتبر اكبر درة في التاج البريطاني ) فلذلك عندما سألَ ( السير .برسي كوكس ) النقيب رسمياً بأن يتراس الحكومة المؤقتة في الثالث واللعشرين من شهر تشرين الاول سنة 1920 وافق النقيب ’ وشكل الوزارة في 25 تشرين الاول سنة 1920 وَيَذكر محمود صبحي الدفتري بأن ( النقيب قَبِلَ المنصب اضطراراً ) بعد تكوين الحكومة العراقية المؤقته والتي ترأسها عبد الرحمن النقيب الكيلاني سنة 1920 م فكرت الحكومة البريطانية بوجوب ايجاد نظام حكم ثابت يترأسه حاكم ’ وطرحت هذه الفكرة في مؤتمر القاهرة الذي انعقد في 12 آذار سنة 1921 م وكان من بين المرشحين لعرش العراق كل من:1- النقيب عبد الرحمن النقيب الكيلاني
2- طالب القيب
3- شيخ المحمره
4- عبد العزيز أبن سعود
5- ألأغا خان
6- برهان الدين ( أمير تركي ) .
أما في العراق فكانت الاسماء التي نوقشت أهليتها لعرش العراق هي كل من:
1- هادي باشا العمري
2- السيد عبد الرحمن النقيب الكيلاني
3- أحد انجال الشريف حسين
4- أحد اعظء الاسرة الخديوية في مصر .
وضّحَ ( تشرشل ) وزير المستعمرات البريطاني لرئيس وزراء الحكومة البريطانية بأن ( فيصلاً ) يعد من اهم المرشحين لعرش العراق ’ كما وضح في مؤتمر القاهرة بأن الحكومة البريطانية لن تضع العراقيل في طريق ترشيحه حاكما على العراق وأذا اختير فأنه سيحصل على مساندتهم ’ وهذا كان رأي تشرشل رئيس وزير المستعمرات البريطاني وبرسي كوكس ومسس بيل و لورنس . اقترح تشرشل على رئيس الوزراء البريطاني أن تزداد اعانة عبد العزيز أبن سعود الى 100,000 ليرة في السنة تدفع له على شكل اقساط شهرية بشرط محافظته على السلم مع بلاد مابين النهرين والكويت والحجاز . بويع الملك فيصل ملكا على العراق بقرار مجلس الوزراء في 11 تموز 1921م وفي 23 آب 1921م توج فيصلا ملكا على العراق واستقالت وزارة النقيب الكيلاني وفي 12 ايلول من عام 1921 ميلادي ’ شكل السيد عبد الرحمن النقيب الكيلاني وزارته الثانية حيث قام الملك فيصل بزيارة النقيب وتكليفه بتأليف وزارة جديدة في ظل حكومة عربية حسب توجيهات الحكومة البريطانية وتعاون النقيب مع فيصل في ذلك .
وفاته
من الملاحظ بأن عبد الرحمن النقيب بعد تقديم استقالته ترك السياسة وانزوى في بيته لا يبرحها حتى وافاه الأجل في 13 حزيران 1927 م المصادف 12 ذي الحجة 1345 هجرية . واقيم له تشييع رسمي حضره نائب الملك علي والامير غازي والمعتمد السامي وحضره كبار رجال الدولة البريطانية والعراقية . دفن داخل الحضرة القادرية بالقرب من مرقد الشيخ عبد القادر الكيلاني . المغفور له عبدالرحمن النقيب الكيلاني شخصية عراقية عربية اسلامية لن تتكرر كان له دور متميز في اصعب مرحلة من مراحل العراق الا وهي مرحلة تأسيس الدولة العراقية غفر الله له ولكافة المسلمينالمراجع
1- مسس بيل / العراق في رسائل مسس بيل2 – الريحاني ملوك العرب
3- مسس بيل / فصول من تاريخ العراق الحديث
4 – عبد الرحمن النقيب حياته الخاصة وآرائه السياسية وعلاقته بمعاصريه . للدكتورة رجاء حسين حسني الخطاب ، المؤسسة العربية للدراسات والنشر
5 – محمد مهدي البصير / تاريخ القضية العراقية الجزء الثاني
6- أبراهيم الدروبي / البغداديون أخبارهم ومجالسهم
7- برسي كوكس / تكوين الحكم الوطني في العراق