تمكين المراة العراقية

أن تمكين المرأة العراقية اقتصاديا هو مشروع جدير بالاهتمام والتقدير، والتمكين الاقتصادي للنساء هو احد محاور الإستراتيجية الوطنية للنهوض بواقع المرأة العراقية ، فإن تمكين النساء لا يأتي إلا بتطوير وتأهيل المرأة وتحقيق مبدأ تكافؤ الفرص وتهيئة الحماية القانونية لها وتوفير سبل التوفيق بين مسؤولياتها في الأسرة والعمل وتحفيزها على المبادرة لتعزيز دورها كشريك في الكثير من قطاعات الاقتصاد الوطني.

إن الدول والمجتمعات التي أخفقت في تحقيق تنمية سليمة ومستدامة فإن الفقر يطال الجميع رجالاً ونساءً وأطفالا وأسرا، وفقر المرأة هو من فقر الرجل، لكن الفقر يعالج في مجتمعاتنا دوما انطلاقا من نتائجه وليس بالعودة إلى جذوره وأسبابه التي ترجع إلى سوء توزيع الثروات الوطنية، لكن النساء اجمالا ينلن النصيب الاكبر من الفقر والعوز.

فالمرأة تضيع حقوقها الزوجية والإنسانية من خلال التهجير والطلاق اما بسبب انعدام او ضعف القوانين أو بسبب عدم تطبيقها، فالمجتمعات التي اعتادت على ظلم المرأة تحتاج إلى مدى زمني غير قليل للاقتناع بهذه الحقوق، وتعاني الغالبية من النساء في مجتمعنا من ضعف في التعليم والتدريب، مما يرتب محدودية في التوفر على الفرص المهنية، لذا لا نستغرب أن تكون أعداد الإناث المسجلات في المشروع الوطني للتوظيف اضعاف اضعاف عدد الذكور.

علاقة المال بين المرأة والرجل

إن نسب الطلاق في بعض المجتمعات، والتي تصل نسبتها 1/3 معظمها أسباب مالية، ما يعطي للبحث في الموضوع أهمية كبيرة. لقد كانت الخلافات الزوجية المؤدية الى الطلاق من الأمور المسكوت عنها خوفاً من تبادل الاتهامات والفضائح، لكن لا بد من وضع نقاطاً فوق حروف الحقيقة: فأن المال موضوع مهم في علاقة الرجل بالمرأة منذ اللحظة الأولى للتعارف. إن النتائج التي توصلت إليها بعض الدراسة تؤكد ضرورة وعي المرأة وتسهيل أمور الإنفاق وكذلك البحث في الأمور المالية قبل الزواج بصراحة تامة، واتفاق الزوجين على تحديد الأولويات والحاجات الأساسية والاتزان في الإنفاق والتوازن بين المدخول والإنفاق والمشاركة في الادخار والمصارحة حول الأمور المالية والوضع المالي للعائلة وتقسيم المسؤوليات والإدراك إن عمل المرأة اليوم هو أمر طبيعي وليس مدعاة للتحسس أو التزمت أو المباهاة والاتفاق على كل التفاصيل المتعلقة بالإنفاق حتى المشتريات اليومية... الخ الخ. فأن موضوع المال والإنفاق في القرآن الكريم والمذاهب المختلفة، وكذلك في النصوص الدينية المسيحية بتفرعاتها المتعددة وحتى في اليهودية، تهتم بحقوق المرأة المالية.

تركيز الثروة بيد الرجال

أن القصور الحاصل في التمكين الاقتصادي للمرأة محلياً على رغم اعتبار العراق إحدى الدول الغنية بالثروات، إذ إن الفجوة تزداد عمقاً، مثلاً، في متوسط أجور النساء والرجال الأمر الذي يستدعي إجراء دراسات أكثر عمقاً في هذا الموضوع. ولايزال وجود المرأة في سوق العمل ضعيفاً لا يتعدى ربع القوى العاملة، وهو ما يعبر عن وهن اجتماعي، فلو كان لدى المرأة دخل ثابت لاستطاعت أن تتحكم في طريقة إدارتها لحياتها وطالبت بحقوقها و كذلك بوجود تمييز عام ضد المرأة في الوظائف العليا ذات المردود الأضخم، وهو ما يعني أن كل من يمتلك الدخول العالية هم الرجال، وبتعبير آخر «المرأة في العراق هي الأفقر، ولو وجد فقر في العراق، فالمرأة هي المتضرر الأول منه». الموضوع يحتاج إلى معالجات دقيقة من النواحي الاقتصادية وتفعيل دور الشريعة، كما أن عدداً من الممارسات يمكنها أن تفعل دور المرأة في القطاع الاقتصادي، كتولي الوظائف العليا في الشركات والمؤسسات، والتعاون مع المنظمات الدولية التي تمتلك الخبرة في إعداد الدراسات النسائية المتخصصة،مع التوجيه لعمل خطة وطنية تضم شركاء فاعلين يعملون بروح تحرم التمييز ضد المرأة.

دراسة وتوصيات

أعلنت الأمم المتحدة برنامجا إنمائيا يتضمن دعمه لإعداد دراسة وطنية متكاملة تصب في صالح التمكين الاقتصادي للمرأة في بعض الدول العربية، مشتملة على عدة محاور، على رأسها دراسة وضع الفقر بالنسبة إلى النساء، ورصد حالات التمييز والشكاوى في القطاع الخاص، وتحليل تشريعات العمل الحالية ونواقصها، علاوة على التركيز على محوري الخدمات المساندة للمرأة العاملة، والتوعية والتثقيف بدورها.

هذه الدراسة لو قدر لها أن ترى النور، ستسد النقص الكبير في وجود دراسات مماثلة بشأن وضع المرأة الاقتصادي في العراق والعالم العربي.

ويبدو أن البرنامج بدأ يعلق جرس هذه القضية الحساسة، بينه وبين بعض الحكومات للأعوام 2008-2011 والذي يتضمن و يعكف البرنامج على إعداد برنامج التعاون المشترك محاور متعلقة بالنهوض بالمرأة وتمكينها الاقتصادي موضوعة على رأس سلم الأولويات. وبهذا يكون واضحاً أن محور التمكين الاقتصادي سيكون «الوريث الشرعي» لبرنامج «التمكين السياسي» الذي ساهم فيه برنامج الأمم المتحدة بفعالية، إذ يحظى هذا المحور باهتمام متزايد من قبل القائمين عليه. ويعكف على مراجعة وضع المرأة في التشريعات الاقتصادية والملكية وغيرها، ومراجعة المشروعات الاقتصادية القائمة فعلاً.

ولتمكين المرأة من رفع المستوى الثقافي في المجال المذكور هناك عدة أمور نشير أليها:

  • إنشاء منظومة فكرية حديثة تستطيع من تمكين المرأة إقتصاديا وتتطابق مع الشريعة.

  • وضع برامج تثقيفية بالمجالات الاقتصادية.

  • إقامة المؤتمرات والندوات وورشات العمل التي تختص بشؤون المرأة

  • دورات تدريبية وتأهيلية للمرأة.

  • توفير المصانع الصغيرة من خلال التعاون مع مؤسسات المجتمع المدني الدول المانحة.

المصدر