دار الكتب والوثائق العراقية
يعود تأسيس دار الكتب والوثائق إلى عام 1987 حينما قررت وزارة الثقافة العراقية دمج المكتبة الوطنية التي تأسست عام 1920 مع المركز الوطني للوثائق الذي تأسس عام 1963 لتوحيد وجهة العمل وتسهيل مهام الباحثين. تقع دار الكتب وسط العاصمة بغداد قرب مقر وزارة الدفاع العراقية، وينقسم بنيانها إلى قسمين، هما مركز الوثائق والمكتبة العامة.
يقوم البحث فيها على تعيين عناوين مختارة عبر فهارس إلكترونية وتسجيل الطلبات ثم استلام النسخ الأصلية أو صور إلكترونية.
هجوم منظم
غير أن هذه الدار وبعد الغزو الأميركي للعراق عام 2003 تعرضت لهجوم شبه منظم من أشخاص مجهولين أحرقوها بعد أن نهبوا جزءا كبيرا من محتوياتها، واختفت وثائق غاية في الأهمية كما يذكر مدير العلاقات والإعلام في الدار عادل محمد علي الذي قدر نسبة الخسائر من الحرق والسرقة بأكثر من 50% من الكتب و25% من الوثائق. ويصف علي الدار بأنها مرجع لآلاف الباحثين العراقيين ومركز يحظى باهتمام حكومي سخرت له الإمكانيات لتلبية حاجات الباحثين المختلفة، وتعد مركزا وحيدا لإيداع كل الإصدارات في العراق.
وعن الإجراءات المتبعة لاستعادة الوثائق والكتب بين مدير العلاقات والإعلام أن الدار شرعت ومنذ إعادة ترميمها من آثار الدمار الكبيرة بإعادة المسروقات عبر الشراء المباشر من الأسواق أو حث المواطنين على إرجاع ما اشتروه من مسروقات بأموالهم الخاصة دعما للدار، وقد عاد جزء من المفقودات بالفعل. وفي قسم الوثائق تحدثت مديرة قسم خدمات الباحثين دينا عبد الله عن حرص كل مؤسسات الدولة على حفظ أهم وثائقها في الدار، ولذا تجد وثائق تعود لمراحل تاريخية قديمة، ولا سيما الوثائق العبرية التي تحتفظ بها الدار.
الحكم العثماني
وعن أهم مهام قسم الوثائق قالت المديرة إنه يوفر احتياجات أكثر من ثلاثة آلاف باحث سنويا، ويعمل على استخراج أصول الأملاك الرسمية في زمن الحكم العثماني للعراق الذي انتهى عام 1917 وما تبعه إضافة إلى اقتباسات الحكم السابقة.
وكشفت دينا عبد الله أن الكثير من الوثائق العثمانية تحديدا قد تم نهبها بعد 2003 وهو ما يعد خسارة كبيرة لا يمكن تعويضها.
ويعمل قسم الوثائق بأسلوب التصوير الضوئي للوثيقة، ويتم منح الباحث شريطا مصورا يتم عرض محتواه عبر شاشات وزعت على أرجاء القسم الذي يدور في فضائه الكثير من الباحثين.
وعن ذكريات هذه الدار يقول سلمان أحمد -مدرس متقاعد وكاتب- إنه وقبل خمسين عاما كانت هنا محطة وقود وخلفها بيوت سكنية قسم منها يعود للغجر، إلا أن رئيس الوزراء العراقي الراحل عبد الكريم قاسم (حكم بين 1958-1963) قام بهدمها جميعا لقربها من وزارة الدفاع وكي لا تكون مكانا يختبئ فيه المعارضون لحكمه.
وأضاف المتحدث أنه في عام 1970 شرع قانون الإيداع الذي بموجبه اعتبرت المكتبة الوطنية مركز الإيداع القانوني للنتاج الفكري العراقي من المطبوعات والكتب والدوريات (صحف ومجلات).
ذكريات
وبين أحمد أن أكثر ما يدفعه للجلوس في هذه الدار هو الحنين للماضي وتقليب الذكريات التي عاصرها طوال سبعين عاما من عمره.
وفي القسم الآخر من المبنى حيث المكتبة التي تحوي قاعتين: واحدة للمطالعة والثانية للكتب، ويقع خلف جدرانهما مخزن كبير مكون من خمسة طوابق يحوي مئات الشواخص الحديدية وزعت عليها الكتب حسب أرقام وفهارس معينة.
وبشرف على قسم المكتبة إسماعيل رستم الذي قال إن المكتبة تحوي أكثر من 350 ألف عنوان منوع عدا الصحف والمجلات، إذ تملك الدار نسخا كاملة لأغلب الصحف العربية والعراقية.
ويضاف للمكتبة أربعة آلاف عنوان سنويا عبر الإيداع المباشر من مؤلفي الكتب وأصحاب رسائل الماجستير وأطروحات الدكتوراه.
كما توجد عناوين أخرى تجد طريقها للمكتبة عبر الشراء والتبادل المحلي أو الدولي.
وأكد رستم أن الدار ماضية بإنشاء المكتبة الرقمية التي ستسهل مهام الباحثين ومهام الكوادر العاملة، مع حفظ النسخ الأصلية من الاستخدام المباشر المستمر، ويتواجد العشرات من الباحثين الذين تعمل المكتبة على توفير احتياجاتهم لمئات العناوين كل يوم.