مسلم بن عقيل
مسلم بن عقيل الهاشمي القرشي من اعيان المسلمين ومن مشاهير الشيعة اتخذه الحسين بن علي سفيرأ إلى أهل الكوفة.
نسبه
هو: مسلم بن عقيل بن أبي طالب بن عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف بن قصي بن كلاب بن مرة بن غالب بن فهر بن مالك بن قريش بن كنانة بن خزيمة بن مدركة بن إلياس بن مضر بن نزار بن معد بن عدنان.
زوجته: رقية بنت علي بن أبي طالب بن عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف بن قصي بن كلاب بن مرة بن غالب بن فهر بن مالك بن قريش بن كنانة بن خزيمة بن مدركة بن إلياس بن مضر بن نزار بن معد بن عدنان.
اسمه: اختلف الرواة في نطق اسمه، فقال بعضهم: هو مُسْلِمْ (بضم الميم الأولى وكسر اللام)، وقال آخرون: بل هو مَسْلَمْ (بفتح الميم الأولى واللام)، وذهب طرف ثالث - وهو الأقل حضورا واعتدادا - إلى أنه مُسَلَّمْ (بضم الميم الأولى وفتح السين واللام المشددة).
ولد مسلم بن عقيل بن أبي طالب في المدينة المنورة سنة (22 هـ) على أرجح الأقوال.
الحروب التي شارك بها
كان مسلم بن عقيل محاربا فذا اتصف بالقوة البدنية فتصفه بعض المصادر "وكان مثل الأسد، وكان من قوته أنه يأخذ الرجل بيده فيرمي به فوق البيت". ذاك فضلا عن كونه يشبه الرسول محمد فعن أبي هريرة أنه قال: "ما رأيت من ولد عبد المطلب أشبه بالنبي (ص) من مسلم بن عقيل. وكان مسلم بن عقيل مناصرا لعمه الامام علي بن ابي طالب. فشارك في معركة صفين عام 37هـ وجعله الامام على ميمنة الجيش مع الحسن والحسين وعبد الله بن جعفر الطيار.
مسلم بن عقيل سفيراً للحسين بالكوفة
مقدمة
بعد وفاة معاوية وتنصيب يزيد حاكما بدله. كان للحسين موقفا رافضا معارضا لهذا التنصيب. وكانت السلطات الاموية شديدة القلق من اي تحرك حسيني، وبعد رفض الحسين طلب حاكم المدينة المنورة بمبايعة يزيد بقوله الشهير "مثلي لايبايع مثله"، راى ان الوضع داخل المدينة اصبح خطرا عليه وعلى اهله الامر الذي استدعى مغادرته للمدينة على وجه السرعة. فانتقل منها إلى مكة. كانت اخبار هذه التطورات تصل إلى الكوفة. الكوفة التي تحوي على عدد لاباس به من الشيعة من فلول الامام علي الرافضين اشد الرفض للحكم الاموي، المتحمسين إلى مبايعة الحسين. فاجتمع الشيعة في بيت سليمان بن صرد وكتبوا إلى الحسين مانصه:« بسم الله الرحمن الرحيم. لحسين بن علي من سليمان بن صرد والمسيب ابن نجبة ورفاعة بن شداد وحبيب بن مظاهر وشيعته من المؤمنين والمسلمين من أهل الكوفة. سلامٌ عليك، فإنا نحمد إليك الله الذي لا إله إلا هو، أما بعد، فالحمد لله الذي قصم عدوك الجبار العنيد الذي انتزى على هذه الأمة فابتزها أمرها، وغصبها فيئها، وتأمر عليها بغير رضًا منها، ثم قتل خيارها، واستبقى شرارها، وجعل مال الله دولةً بين جبابرتها وأغنيائها، فبعدًا له كما بعدت ثمود! إنه ليس علينا إمام، فأقبل لعل الله أن يجمعنا بك على الحق. والنعمان ابن بشير في قصر الإمارة لسنا نجتمع معه في جمعة، ولا نخرج معه إلى عيد، ولو قد بلغنا أنك قد أقبلت إلينا أخرجناه حتى نلحقه بالشأم إن شاء الله؛ والسلام ورحمة الله عليك.»
تكليف الحسين لمسلم بالسفر
وصلت الرسالة ومعها رسائل أخرى أرسلت من أهل الكوفة أيضًا ومن البصرة تدعو الحسين الذي كان معتصما بالكعبة فارًا من الملاحقة الأموية. وفور وصول الرسائل له كلف مسلم بن عقيل بالذهاب إلى الكوفة والاطلاع على حال أهلها واستعداد المدينة لاستقبال الحسين والانتفاض ضد الحكم القائم. تحرك ابن عقيل من مكة حاملاً معه رسالة الحسين إلى أهل الكوفة. وأخذ معه دليلين من أهل الكوفة، لكنهما تاها بالطريق ولقيا حتفهما من العطش، إلا أن مسلم وصل سالما إلى الكوفة.
في الكوفة
استقبل الشيعة الكوفيين مسلم بن عقيل بكثير من الحفاوة، وتلا ابن عقيل عليهم كتاب الحسين فخنقتهم العبرات وتعالت نداء المناصرة لال بيت رسول الله. فتروي المصادر ان عدد المبايعيين في ذلك اليوم كان 18 الف. فأرسل مسلم برسالة للحسين يطلب منه القدوم إلى الكوفة.
كانت هذه الاحداث تصل إلى مسامع حاكم الكوفة الاموي النعمان بن بشير فلم يكن يقوم بشيء غير نصح الناس على المنبر بترك مبايعة الحسين. وكان الامويين من اهل الكوفة يرون ان النعمان اما ضعيف او يتظاهر بالضعف بفعل عدم اتخاذه اجراءات عسكرية ضد الشيعة الملتفين حول ابن عقيل.
حتى وصل الامر ان اتهموه وهو على المنبر بالضعف فاجابهم: "أن أكون من المستضعفين في طاعة الله أحب إلي من أن أكون من الأعزين في معصية الله" وماكان من اهل الكوفة الامويين إلى التحرك السريع وارسال رسالة إلى يزيد ينبؤنه بمجريات الامور وبما روؤه تقاعسا لاميرهم في مواجة الشيعة.
مع وصول هذه الكتب إلى يزيد دب الارتباك البلاط الاموي، فاشار سرجون (وهو أحد مستشاري يزيد وكان مساعدا لمعاوية) إلى يزيد بعزل النعمان عن ولاية الكوفة وتامير عبيد الله بن زياد عليها، حيث عُرف لعبيد الله عِداءهُ لاهل البيت وفتكه بالشيعة اضافة لوسع حيلته وتدبيره وكان اميرا على البصرة. فسارع يزيد بالاخذ بنصيحه سرجون وعين عبيد الله اميرا للكوفة وامره بالتحرك اليها بسرعة لوئد الثورة الشيعية في مهدها وقبل ان تخرج الامور عن السيطرة. لم يضيع عبيد الله بن زياد كثيرا من الوقت، فترك على حكم البصرة اخوه عثمان بن زياد بعد ان اتخذ الاجراءات اللازمة لمنع ثورة شيعية فيها، ودخل إلى الكوفة متلثما يلبس عمامة سوداء مقلدا ملابس الحسين ولايكلم أحد ويصحبه بضعة من اصحابه، وكان اهل الكوفة ينتظرون الحسين فلما راوا عبيد الله ظنوه الحسين واستقبلوه بالورود. فتحرك الوكب حتى وصل القصر عندها كشف عن هويته الحقيقة لحراس القصر فدخل دار الامارة وعزل النعمان. وما ان علم اهل الكوفة به حتى اصابهم كابة وحزنا شديدا.
إجراءات ابن زياد في الكوفة
قام ابن زياد بالخطبة بالناس محذرا اياهم من ما سماه "الفتنة" وحذر المناصرين للحسين بالقتل والسجن والملاحقة الشديدة. ثم بعد ذلك بدا بعملية بث الجواسيس داخل المدينة للوصول إلى مسلم بن عقيل المختبئ هناك. فارسل شخصا يدعى "معقل" ومعه 3 اللاف درهم يحملها إلى مسلم بن عقيل ويتظاهر بانه اجنبي جاء من خارج الكوفة (من الشام تحديدا) وانه شيعي. فاستطاع ان يصل إلى مسلم بن عقيل الذي كان موجودا في بيتهانئ بن عروة وهو أحد زعماء الشيعة في الكوفة. فاعطاه المال وغادر المكان متجها إلى ابن زياد ليبلغه بمحل اختباء مسلم بن عقيل.
شك ابن عقيل بالرجل فغادر بيت هانئ، وماهي الا فترة قليلة واصبحت الدار محاصرة بالشرطة الذين لم يجدوا في الدار الا هانئ فاعتقلوه. استجوب عبيد الله هانئ بن عروة لمعرفة مكان مسلم بن عقيل الا ان هانئ لم يفصح عن مكانه قائلا: "والله لو كان تحت قدمي ما رفعتها عنه".
فراى مسلم بن عقيل وجوب الثورة لانقاذ هانئ بن عروة على الرغم من كون بعض زعماء الشيعة خارج الكوفة في ذلك الوقت حيث كانوا يجمعون تاييد القبائل في المناطق المحيطة بالكوفة. على كل حال امر مسلم رجاله بالنهوض فنهض معه اربعة اللاف توجهوا جميعهم إلى القصر وحاصروه.
فامر عبيد الله انصاره باثارة الشائعات في الكوفة واخبار الناس حول جيش اموي جرار قادم من الشام سيفتك بكل من يقف ضد الدولة كما قام برشوة زعماء بعض القبائل ليقوموا بتخذيل اقاربهم عن نصرة مسلم وبالفعل حدثت بلبلة كبيرة في الكوفة وبدا الناس بتفرق من حول مسلم حتى اذا حان الليل اغدى وحيدا ليس معه أحد. وصار يتجول في ازقة الكوفة لا يدري ان يذهب.
القاء القبض عليه ومقتله
مرقد مسلم بن عقيل (إلى اليسار من الصورة) في الكوفة.
ظل مسلم يمشي وحيدا ليس معه من يدله على بيت يختبئ فيه وقد بلغ به الحزن مبلغه فوصل إلى دار امراة تدعى "طوعة" فطلب منها الماء وبعد حديث دار بينهم عرفت انه مسلم بن عقيل فضربت راسها من الصدمة واقسمت على حمايته فاستقبلته في دارها. وكان للمراة ابن من انصار الامويين فراى مسلم في البيت وعرف اوصافه فاسرع لابلاغ الشرطة بذلك. لم يمر وقت طويل قبل ان يحاصر منزل ابن عقيل فخرج ابن عقيل يقاتل الجنود حتى لم يقدروا عليه على كثرة عددهم، فعرض عليه محمد بن الاشعث الامان مقابل ان يرمي سلاحه فقبل ابن عقيل ذلك. فادمعت عيناه عند اعتقاله فهون ابن الاشعث عليه فقال له: "إني والله ما لنفسي أبكي، ولا لها من القتل أرثي، وإن كنت لم أحب لها طرفة عين تلفًا، ولكن أبكي لأهلي المقبلين إلي، أبكي لحسين وآل حسين".
واقتادوا ابن عقيل إلى قصر الامارة حيث عبيد الله بن زياد الذي لم يكترث للامان الذي وعد به ابن عقيل فامر بقتله ورموه من فوق القصر وكان ذلك في 9 من ذي الحجة 60هـ.
المصدر