الدول المصدرة للبترول

إنشائها

كان قرار إنشاء منظمة الدول المصدرة للبترول "الأوبك" نتاج ومحصلة لتاريخ طويل، بدأ في مطلع القرن العشرين حيث كانت الاتفاقيات البترولية الدولية تجرى بين طرفين، أحدهما رئيسي وهو المسيطر ويتمثل في شركات البترول العالمية ومن ورائها حكومات بلادها؛ والطرف الآخر وهو الهامشي أو الثانوي متمثلا في حكومات الدول المنتجة للبترول. وكانت الشركات البترولية العالمية تسمى "الأخوات" أو "الشقيقات السبّع الكبرى"، ومنها خمس شركات أمريكية، وهي: موبيل MOBIL، وإسو ESSO، وستاندرد أويل أوف كاليفورنياSTANDARD OIL OF CALIFORNIA، والقلف GULF، وكساكو TEXACO، وواحدة بريطانية ه بريتش بتروليم BRITISH PETROLEUM، وأخرى بريطانية هولندية وهي شركة شل SHELL وأضيفت إليها شركة فرنسية بعد ذلك وهي الفرنسية للبترول FRANCIES DE PETROLA (C.F.P). CIE

الدول المصدرة للبترول
وكانت هذه الشركات تمتلك كل الامتيازات، في كل من: إيران والعراق، والمملكة العربية السعودية، وباقي مناطق شبه الجزيرة العربية والشرق الأوسط. وكانت تسيطر على جميع المراحل البترولية، من البئر حتى وصول البترول إلى المستهلك. وتتحكم في تسخير البترول في خدمة العالم الصناعي، الذي تنتمي إليه الشركات الكبرى، بينما اقتصر دور الدول المنتجة للبترول حتى مطلع الستينيات من القرن العشرين، على تسلم حصتها المحدودة من أرباح عملية إنتاج البترول الخام. وكانت تلك الشركات الكبرى تتولى مسؤولية تحديد هذه الحصص، وتقدير عائدات البلد المنتج. وكان ذلك يتم بموجب اتفاقيات الامتياز، التي أبرمت معظمها قبل الحرب العالمية الثانية بين الشركات الكبرى والدول المنتجة للبترول، وهي اتفاقيات وإن اختلفت في نصوصها من بلد إلى آخر ومن اتفاقية إلى أخرى إلا أن بنودها العامة وأهدافها تطابقت في مضمونها من أجل تحقيق السيطرة الكاملة للشركات الكبرى على جميع العمليات البترولية، كما أتاحت تلك الاتفاقيات لهذه الشركات الحصول على القدر الأكبر من الأرباح، وترك الفتات لحكومات الدول المنتجة.

وبعد أن نالت معظم الدول المنتجة للبترول استقلالها، أخذت تراجع هذه الاتفاقيات وتعيد النظر في طبيعة العلاقات التي تربطها بالشركات الكبرى، كما بدأت في الدخول إلى تلك الصناعة، التي كانت حكراً على تلك الشركات وحدها.

وكانت نقطة التحول الحاسمة في مطلع الخمسينيات إذ بدء تطبيق مبدأ المناصفة في الأرباح، بين حكومات الدول المنتجة وشركات الامتياز. فقبل تطبيق هذا المبدأ لم تكن الحكومات تشغل بالها بالأسعار، لأنها كانت تحصل على نصيبها على أساس فئة ثابتة للوحدة من الإنتاج، وهي 22 سنتاُ للبرميل دون النظر إلى مستوى الأسعار. ولكن بتطبيق مبدأ المناصفة، أصبح السّعر المعلن للزيت الخام أساساً لحساب الأرباح، التي تُخصم منها ضريبة الدخل. ولكن هذا المبدأ جعل سلطة إعلان السعر في يد الشركة المنتجة.

وعلى الرغم من احتفاظ الشركات بحق تحديد الأسعار، فإن الحكومات بدأت منذ ذلك الحين تبدي اهتماماً بمستوى الأسعار.

كما شهدت صناعة البترول في فترة الخمسينيات تغيرات جذرية، لارتفاع الطلب على استهلاك البترول بدرجة كبيرة. وقد استطاعت مصادر الإنتاج تلبية هذه الاحتياجات دون مشقة. ويوضح (جدول استهلاك وإنتاج البترول في الفترة 1950-1959) بعض العناصر الأساسية للتوازن العالمي من البترول عام 1959.

أثار موضوع الحفاظ على التوازن بين العرض والطلب قضية الأسعار المناسبة، لأن السعر هو العامل الرئيسي والمهيمن على نسبة الفائدة، التي تعود على الشركة وعلى الدولة. لذلك فإن الرقابة على السعر وتحديده يعني للشركة التزاماً تعاقدياً بحكم القانون، بينما يُعَدّ أمراً متعلقاً بالسيادة للدولة المنتجة.

ويرى بعض خبراء البترول أن التلاعب بمستويات الأسعار المعلنة للزيت الخام من جانب شركات البترول الكبرى، وتعمدها خفض الأسعار، وما يترتب عليه من خفض ضرائب الدخل التي تتقاضاها حكومات الدول المنتجة، هو الدافع الأساسي للدول المنتجة للبترول إلى التفكير في إنشاء جهاز قوي يمثلها في التفاوض مع الشركات الكبرى ويقف في مواجهتها.

وقد بدأ تخفيض الأسعار في فترة الخمسينيات بحملة إعلامية كبرى من جانب "الأخوات السبع"، تعللت فيها بضعف أرباحها من العمليات المتممة حتى أصبحت تتراوح بين 6.5 و12.3 سنتا للبرميل. كما أرجعت الشركات ذلك إلى المبالغة في الأسعار المعلنة، التي بلغت في نهاية 1957 حوالي 2.12 دولار للبرميل من الخام السعودي الخفيف (درجة جودة[1] 34). وفي الحقيقة أن هذه الحملة احتوت على مغالطات كثيرة، حيث بلغت أرباح شركات الامتياز من البرميل المنتج من خامات الشرق الأوسط حوالي 80 سنتا في المتوسط العام مقابل 74 سنتا في المتوسط لحكومة البلد المنتج؛ بينما بلغت الضرائب، التي تحصل عليها حكومة البلد المستهلك في العالم الصناعي، حوالي 5.75 دولار للبرميل. ثم تطورت هذه الحملات الإعلامية للضغط على أسعار الزيت الخام من خلال منافسة وهمية فيما بين الشركات، لأن الشركات الكبرى والتابعة كانت تسيطر على 90% من إنتاج الزيت الخام ومصافي التكرير وتسهيلات التسويق في العالم، وكذلك أساطيل الناقلات العالمية. لذلك لم يكن ثمة مجال، لأن تقبل الشركات الكبرى ـ الشقيقات السبع ـ والشركات التابعة لها منافسة في هذا الأمر.

1. نشأة الأوبك:

ظهرت أول بادرة لإنشاء الأوبك في القاهرة في أبريل 1959، عند انعقاد المؤتمر البترولي الأول الذي نظمته اللجنة البترولية التابعة لجامعة الدول العربية. فقد جرت خلف كواليس هذا المؤتمر محادثات بين ممثلي فنزويلا والمملكة العربية السعودية، والعراق، وإيران، والكويت، تناولت تأسيس هيئة كمنظمة استشاريه تجتمع مرة واحدة سنوياً على الأقل لمناقشة بعض النقاط، وأهمها:

أ. تحسين الشروط التعاقدية وضرورة التشاور حول موضوع تغير الأسعار.

ب. معالجة أوضاع صناعة البترول من وجهة نظر جماعية موحدة.

ج. زيادة قدرة مصافي البترول في البلاد المنتجة.

د. تأسيس شركات بترول وطنية.

هـ. التفاهم فيما يتعلق بعمليات صيانة وإنتاج وتنقيب الموارد البترولية.

وجرى الاتفاق على صياغة ميثاق، أو عهد شرف، وُقّع عليه في نهاية الاجتماعات. وعرفت تلك الوثيقة باسم "اتفاق المعادي".

كان إعلان "شركة إسو" في 9 أغسطس 1960، أنها ستخفض الأسعار المعلنة لبترول الشرق الأوسط، بداية الشّرارة؛ لأن الأسعار آنذاك كانت منخفضة في الأصل، الأمر الذي أدى إلى إلحاق الضرر باقتصاديات الدول المنتجة للبترول. وبدعوة من العراق، عقدت خمس دول، هي: المملكة العربية السعودية، والكويت، والعراق، وإيران، وفنزويلا، اجتماعاً في بغداد، في الفترة من 10–14 سبتمبر 1960، وأعلنوا إنشاء منظمة دائمة تسمى: "منظمة الدول المصدرة للبترول" (الأوبك)، تتولى إجراء المشاورات المنتظمة بين الدول الأعضاء وتعمل على تنسيق وتوحيد سياستها بهذا الخصوص. وجاء انضمام بقية الأعضاء تباعاً (انظر جدول الدول أعضاء منظمة الأوبك)، حيث انضمت قطر عام 1961، ثم إندونيسيا وليبيا عام 1962، ثم أبو ظبي عام 1967 (دولة الإمارات العربية المتحدة حالياً)، ثم الجزائر عام 1969، ثم نيجيريا عام 1971، فالإكوادور عام 1973 (انسحبت عام 1992)، ثم الجابون عام 1975 (انسحبت عام 1994)، ليصبح عدد الدول الأعضاء إحدى عشرة دولة.

2. أهداف الأوبك:

تحددت أهداف منظمة الدول المصدرة للبترول في الآتي:

أ. التنسيق بين الدول الأعضاء في السياسات البترولية، وتقرير ما يحقق ويحفظ مصالحها الفردية والمجتمعة.

ب. إيجاد السبل والوسائل التي تضمن استقرار الأسعار في أسواق البترول العالمية، للتغلب على التقلبات الضارة.

ج. احترام مصالح الدول المنتجة، وضمان حصولها على دخل مضطرد، ومراعاة إمداد الدول المستهلكة بانتظام واعتدال، وضمان عائد منصف للمستثمرين في مجال البترول.

د. المساواة في السيادة بين الدول الأعضاء، على أن تستوفي هذه الدول الالتزامات المترتبة عليها وفق النظام الأساسي.

كما فرضت المنظمة على الأعضاء عدم المساهمة أو الاشتراك في أي عمل، يكون من شأنه إحباط أي قرار لها. حددت المنظمة لرئاسة أركانها مقراً يُعيّن عن طريق المؤتمر، وهو السلطة العليا في المنظمة. وحددت الإنجليزية لغة رسمية للمنظمة، واتخذت من جنيف بسويسرا مقراً لها في الخمس سنوات الأولى من إنشائها؛ ولكنها انتقلت إلى مقرها الحالي في فيينا بالنمسا منذ الأول من سبتمبر 1965.

3. شروط العضوية:

أ. الأعضاء المؤسسون في المنظمة. هم تلك الدول التي شهدت "المؤتمر الأول" المنعقد في بغداد، ووقعت على وثيقة إنشاء المنظمة.

ب. الأعضاء المتمتعون بالعضوية الكاملة: هم الأعضاء المؤسسون، إضافة إلى الدول التي وافق المؤتمر على طلب انتسابها للعضوية.

ج. قررت المنظمة فتح باب العضوية أمام كل دولة لديها فائض وفير من البترول الخام، شرط حصولها على موافقة كل الأعضاء المؤسسين وموافقة ثلاثة أرباع الأعضاء ذوي العضوية الكاملة.

د. يمكن قبول أي بلد مصدر للبترول كعضو مشارك، إذا لم تنطبق عليه شروط العضوية السّابقة. وذلك وفق شروط خاصة، ومنها أن توافق على عضويته مشاركاً ثلاثة أرباع الدول الأعضاء، وجميع الأعضاء المؤسسين. ولا يقبل عضواً مشاركاً أي بلد لا تماثل مصالحه وأهدافه مصالح الدول الأعضاء وأهدافها.

هـ. يمكن للأعضاء المشاركين حضور أي اجتماع بدعوة من المؤتمر، أو مجلس المحافظين، وكذلك أي اجتماع استشاري آخر، والمشاركة في المداولات دون أن يكون لها حق التصويت، ولكن لها الحق في الاستفادة من جميع التسهيلات، التي توفرها الأمانة العامة.

و. ليس لأي عضو أن ينسحب من المنظمة دون إخطار المؤتمر مسبقاً برغبته في الانسحاب.

ز. إذا انقطعت عضوية أي دولة، فإن إعادة قبولها كعضو تخضع للشرط، الواردة في الرقم (ج) أعلاه.

4. تكوين المنظمة:

تتكون أجهزة منظمة الأوبك من: المؤتمر، ومجلس المحافظين، والأمانة العامة.

أ. المؤتمر:

هو السلّطة العليا في المنظمة، ويتألف من وفود تمثل الدول الأعضاء على أن تُمثل كل دولة في جميع المؤتمرات. ويكون لكل عضوٍ كامل العضوية صوت واحد. وتتخذ جميع قرارات المؤتمر بموافقة جميع الأعضاء، باستثناء القرارات المتعلقة بالأمور الإجرائية.

وتصبح قرارات المؤتمر نافذة المفعول بعد ثلاثين يوماً من تاريخ اختتام الاجتماع. وفي حالة غياب أحد الأعضاء كاملي العضوية عن اجتماع المؤتمر، فإن قرارات المؤتمر تُعَدّ نافذة ما لم تتسلم الأمانة العامة إشعاراً بخلاف ذلك من العضو الغائب. ويمكن أن يُدعى بلد، أو أكثر، من خارج المنظمة لحضور أي مؤتمر بصفة مراقب، إذا قرر المؤتمر ذلك.

ويعقد المؤتمر اجتماعين عاديين في مارس وسبتمبر سنوياً، ويُمكن أن يعقد اجتماعاً استثنائياً بناء على طلب إحدى الدول الأعضاء، بدعوة من الأمين العام بعد التشاور مع الرئيس وموافقة الدول الأعضاء بأغلبية بسيطة.

ويُعقد المؤتمر، عادة، في مقر المنظمة، كما يمكن أن يعقد في إحدى الدول الأعضاء، أو في مكان آخر. وينتخب المؤتمر رئيساً ورئيسا مناوبا في بداية جلسته الأولى. ويباشر الرئيس المناوب مهام الرئيس عند غيابه، أو في حالة عند عدم تمكنه من أداء مسؤولياته. ويباشر الرئيس وظيفته خلال فترة اجتماع المؤتمر، ويحتفظ بها حتى الاجتماع التالي. ويشغل الأمين العام منصب "أمين المؤتمر العام" أيضاً. ويباشر المؤتمر المهام الآتية:

(1) رسم السياسة العامة للمنظمة، وتقرير السبل والوسائل الملائمة لتنفيذها.

(2) البت في طلبات الانضمام إلى عضوية المنظمة.

(3) تعيين أعضاء مجلس المحافظين.

(4) توجيه مجلس المحافظين إلى تقديم التقارير، أو اتخاذ التوصيات، في أي أمر يهم المنظمة.

(5) النظر والبت في التقارير والتوصيات المقدمة من مجلس المحافظين.

(6) النظر والبت في ميزانية المنظمة، التي يقدمها مجلس المحافظين.

(7) النظر والبت في البيان الحسابي، وتقرير مدققي الحسابات، المقدمين إلى مجلس المحافظين.

(8) الدعوة إلى عقد اجتماع استشاري، لمن يطلبه من الدول الأعضاء لأي غرض وفي أي مكان، كلما وجد ذلك مناسباً.

(9) التصديق على أي تعديل في النظام الأساسي.

(10) تعيين رئيس مجلس المحافظين ورئيساً مناوباً له.

(11) تعيين الأمين العام.

(12) تعيين نائب الأمين العام.

(13) تعيين مراجع الحسابات للمنظمة لمدة سنة واحدة.

وللمؤتمر الصلاحيات في جميع الأمور، التي لم ينُص عليها صراحة في أجهزة المنظمة الأخرى.

ب. مجلس المحافظين:

يتكون هذا المجلس من محافظين تحددهم الدول الأعضاء ويصادق المؤتمر عليهم. وعلى كل عضو في المنظمة أن يمثّل في مجلس المحافظين، ولكن يُشترط حضور ثلثي المحافظين لاكتمال النصاب. ويمكن للبلد العضو أن يُسمى بديلاً للمحافظ يحل محله، عند عدم استطاعة المحافظ حضور الاجتماع. ويتمتع البديل بكامل صلاحيات المحافظين باستثناء شغل منصب رئيس مجلس المحافظين. ويكون لكل محافظ صوت واحد. وتؤخذ قرارات مجلس المحافظين بالأغلبية البسيطة. ومدة تعيين كل محافظ سنتان، ويجتمع مجلس المحافظين مرتين على الأقل سنوياً.

وتعقد اجتماعات مجلس المحافظين، عادة، في مقر المنظمة، كما يمكن عقدها في إحدى الدول الأعضاء، أو أي مكان آخر. ويباشر مجلس المحافظين المهام الآتية:

(1) توجيه إدارة شؤون "المنظمة"، وتنفيذ قرارات "المؤتمر".

(2) النظر والبت في تقرير الأمين العام.

(3) تقديم التقارير والتوصيات إلى "المؤتمر" حول شؤون المنظمة.

(4) إعداد ميزانية المنظمة لكل سنة، وتقديمها "للمؤتمر" للتصديق عليها.

(5) تعيين مراجع حسابات للمنظمة لمدة سنة واحدة.

(6) النظر في البيان الحسابي والتقرير المقدم من مراجع الحسابات، ثم تقديمهما للمؤتمر للتصديق عليهما.

(7) الموافقة على تعيين رؤساء الدوائر ومديري الأقسام لدى تسميتهم من قبل الأعضاء.

(8) الدعوة إلى عقد اجتماع استثنائي "للمؤتمر".

(9) إعداد جدول أعمال "المؤتمر".

ويرأس اجتماعات مجلس المحافظين رئيس المجلس، ويمثل المجلس في المؤتمرات والاجتماعات الاستشارية. وإذا قرر المحافظون، بأغلبية الثلثين، أن استمرار عضوية أي محافظ قد تتسبب في إلحاق الضرر بمصالح المنظمة، فإن رئيس مجلس المحافظين عليه أن يبلغ هذا القرار فوراً إلى بلد العضو المعني، لتعيين بديل له، وإذا حدث، لأي سبب من الأسباب، ما يحول دون مواصلة أي محافظ القيام بمهامه، فيجب على بلده تعيين من يقوم بمهامه.

ج. الأمانة العامة:

تباشر الأمانة العامة المهام التنفيذية في المنظمة، وتتألف من: الأمين العام، ونائبه، وما يلزم من موظفين، وتعمل في مقر المنظمة. وللأمين العام صلاحية تمثيل المنظمة وإدارة شؤونها، وهو أعلى مسؤول في الأمانة العامة، ويعين عن طريق المؤتمر لثلاث سنوات قابلة للتجديد مرة واحدة وللمدة نفسها، ويشترط أن يكون في الخامسة والثلاثين من العمر وحائزاً على درجة علمية في: القانون، أو الاقتصاد، أو العلوم، أو الهندسة، أو إدارة الأعمال، من إحدى الجامعات المعترف بها، وأن تكون خبرته خمس عشرة سنة، منها عشر سنوات في مناصب لها علاقة مباشرة بصناعة البترول، وخمس سنوات في مناصب ذات مسؤولية إدارية عالية. وفي حالة عدم الحصول على قرار جماعي، يُعيّن الأمين العام بطريقة التناوب لمدة سنتين، دون الإخلال بشروط المؤهلات، وينبغي أن يكون من رعايا إحدى الدول الأعضاء في المنظمة، ويقيم في مقر المنظمة ويكون مسؤولاً تجاه مجلس المحافظين عن جميع أنشطة الأمانة العامة كما يحضر جميع اجتماعات مجلس المحافظين. ويباشر الأمين العام المهام التالية:

(1) تنظيم أعمال المنظمة، وإدارتها، وتأمين القيام بأعمال وواجبات دوائر "الأمانة العامة" المختلفة.

(2) إعداد التقارير لعرضها في اجتماعات مجلس المحافظين، وإحاطة رئيس المجلس وأعضائه علماً بجميع أنشطة الأمانة العامة.

(3) تأمين إنجاز الواجبات، التي تُكلّف بها الأمانة العامة من قِبل مجلس المحافظين أو المؤتمر.

ويختار مجلس المحافظين نائب الأمين العام من ذوي الخبرة والكفاءة العالية، وتكون مدة خدمته ثلاث سنوات قابلة للتجديد، ويقيم بصورة دائمة في مقر المنظمة. ويكون مسؤولاً تجاه الأمين العام عن تنسيق مختلف أنشطة الأمانة العامة. كما يمكن للأمين العام أن يُخوّل بعض صلاحياته لنائبه، ومنها أن يحل محله عند تغيبه. ويُعيّن الأمين العام رؤساء الدوائر ومديري الأقسام بموافقة مجلس المحافظين، كما يُعين موظفي الأمانة بعد ترشيح حكومات بلادهم لهم. ويُراعى توزيع المناصب توزيعاً عادلاً بما لا يؤثر على كفاءة عمل الأمانة العامة.

ويكون موظفو الأمانة العامة موظفين دوليين، وعليهم عدم قبول أي تعليمات من أي حكومة أو سلطة خارج المنظمة، واضعين مصالح المنظمة نُصب أعينهم. ويساعد الأمين العام في أداء مهامه، نائب الأمين العام ودائرة الأبحاث وقسم المعلومات العامة أفراداً وإدارة ووكالة أنباء، وأي دائرة أو قسم يطلب المؤتمر ومكتب الأمين العام استحداثه، أما وكالة أنباء منظمة الأوبك (أوبكنا OPECNA) فهي وحدة خاصة مسؤولة عن الجمع والإعداد والنشر عن المنظمة وأعضائها وأمور الطاقة.

ودائرة الأبحاث مسؤولة عن إدارة برنامج الأبحاث والمراقبة والتحليل والتنبؤ بما يحدث في صناعة البترول وتطوراتها، وتحليل المسائل المالية والاقتصادية المتعلقة بصناعة البترول العالمية، مع توفير خدمات لتقديم المعلومات لدعم البحوث. ويُقدّم قسم الموارد البشرية والإدارة الخدمات الإدارية لجميع الاجتماعات، وأمور الأفراد، والميزانيات، ويراقب الحسابات والشؤون الداخلية، ويواكب التطورات في السياسات الإدارية.

ومسؤولية قسم العلاقات العامة والمعلومات عرض أهداف المنظمة والقرارات والإجراءات، التي تتخذها المنظمة، وتنفيذ برنامج للعلاقات العامة، ونشر المطبوعات والمواد الأخرى.

وللأمين العام أن يستعين بمستشارين لإبداء الرأي في الأمور الخاصة، وإجراء الدراسات الفنية، وتعيين خبراء ومتخصصين، قد تحتاج إليهم المنظمة بغض النظر عن جنسياتهم. كما يجوز للأمين العام تعيين مجموعات عاملة للقيام بأي دراسة حول موضوعات معينة تهم الدول الأعضاء.

5. الاجتماعات الاستشارية والأجهزة المتخصصة في منظمة الأوبك:

يضم الاجتماع الاستشاري رؤساء وفود الدول الأعضاء أو ممثليهم، ويمكن عقد اجتماع استشاري في أي وقت، بناء على طلب رئيس المؤتمر الذي يعد جدول أعمال الاجتماع، ويمكن اتخاذ قرارات أو توجيهات في الاجتماع الاستشاري.

وللمؤتمر الحق في إنشاء أجهزة متخصصة، إذا دعت الضرورة، لتساعد في حل مشاكل معينة ذات أهمية خاصة. وتعمل الأجهزة المتخصصة ضمن الإطار العام لأمانة المنظمة وطبقاً لمبادئها.

أ. الأحكام المالية:

تُعَدّ ميزانية المنظمة لكل عام ميلادي. ويسدد كل بلد عضو مشارك في المنظمة، عند قبوله، قيمة اشتراك سنوي يمثل مساهمة مالية للمنظمة بناءً على طلب المؤتمر، والمبالغ المرصودة في الميزانية تتحملها جميع الدول الأعضاء بالتساوي، بعد احتساب قيمة الاشتراكات السنوية للأعضاء المشاركة، ويتحمل كل بلد عضو جميع نفقات إرسال الوفود أو الممثلين للمشاركة في المؤتمرات والاجتماعات الاستشارية، وتتحمل المنظمة نفقات السفر وتعويض المحافظين عن حضور اجتماعات مجلس المحافظين.

ب. أحكام إضافية:

يجوز لأي بلد عضو اقتراح تعديلات على النظام الأساسي ويضطلع مجلس المحافظين بالنظر في هذه التعديلات وتوصية المؤتمر بقبولها، وتصبح جميع القرارات المخالفة لنصوص النظام الأساسي لاغية، وتنص "المادة 42" من دستور الأوبك على تنفيذ هذا الدستور بدءاً من أول مايو 1965.

ثانياً: اللجنة الاقتصادية في منظمة الأوبك

تُعد اللجنة الاقتصادية لمنظمة الدول المصدرة للبترول كجهاز متخصص دائم، عملاً بقرار المنظمة الرقم 7/50، واستناداً إلى "المادة 41" من النظام الأساسي للمنظمة.

1. أهداف اللجنة:

المساعدة على إيجاد الاستقرار في أسعار البترول العالمية بمستويات عادلة، تمشياً مع الروح والمبادئ، التي نصت عليها في قرارات المنظمة الأرقام 1/1، 4/32، 5/42.

2. أعمال ومهام اللجنة:

تباشر اللجنة أعمالها من خلال الإطار العام لسكرتارية المنظمة بالآتي:

أ. إجراء الاتصالات الضرورية مع الهيئات الخاصة والعامة وخصوصاً في مجال البترول.

ب. دراسة وضع أسعار البترول بصورة دائمة.

ج. عمل الدراسات، وجمع البيانات والمعلومات اللازمة لتحقيق أهدافها.

د. تقديم تقارير شهرية إلى الدول الأعضاء في المنظمة عن وضع أسعار البترول شاملة العوامل الاقتصادية وغير الاقتصادية.

هـ. دراسة جميع العوامل الاقتصادية وغيرها، التي قد تؤثر على أسعار البترول.

و. إعداد التوصيات بشأن ما تتوصل إليه من وقائع، وعرضها على المؤتمر عن طريق الأمين العام.

ز.تقديم تقرير من خلال الأمين العام عن كل اجتماع للمؤتمر عن نشاطها، من أجل تمكينه من توجيه الإرشادات والتعليمات اللازمة.

3. تشكيل اللجنة:

أ. مجلس اللجنة:

(1) يتكون من نائب أمين عام المنظمة، والممثلين الذين تُعيّنهم الدول الأعضاء، ومنسق أعمال اللجنة.

(2) يكون المجلس مسؤولاً تجاه المؤتمر عن إنجاز مهام اللجنة.

(3) يكون نائب أمين عام المنظمة رئيساً للمجلس.

(4) يجتمع المجلس مرتين في السنة على مراحل مناسبة يحددها المجلس أو رئيسه بالتشاور مع منسق أعمال اللجنة.

(5) تُعقد اجتماعات المجلس في مقر المنظمة، كما يجوز عقدها في أي من الدول الأعضاء أو في أي مكان آخر متى وُجد ذلك مناسباً.

(6) يجوز عقد اجتماع استثنائي للمجلس، بناءً على مبادرة من الرئيس، أو بناءً على طلب أحد أعضاء المجلس.

(7) ينبغي أن يُمثّل كل بلد عضو في المنظمة في جميع اجتماعات المجلس، إلا أن النصاب المُكون من الأغلبية البسيطة لعدد الحضور من ممثلي الدول الأعضاء، يكفى لعقد الجلسة.

(8) لكل ممثل عن الدول الأعضاء صوت واحد، وتتخذ توصيات المجلس بالأغلبية البسيطة وليس بأقل من نصف عدد ممثلي الدول الأعضاء.

ب. ممثلو الدول الأعضاء:

(1)يُعين كل بلد عضو في المنظمة ممثلاً واحداً في مجلس اللجنة يعرف بالممثل الوطني، ويعمل بصفة ضابط اتصال بين السلطة البترولية المعنية في بلده ومنسق أعمال اللجنة.

(2)على ممثلي الدول الأعضاء تحليل وضع الأسعار المحققة لصادرات البترول في بلد كل منهم، وإمداد اللجنة عن طريق منسق أعمالها بجميع المعلومات اللازمة وخصوصاً الجداول الدورية لقياس الأسعار.

ج. موظفو اللجنة:

(1) الموظفون هم: منسق أعمال اللجنة، ومن يعينهم رئيس مجلس اللجنة، بالتشاور مع منسق أعمال اللجنة من موظفي السكرتارية.

(2) يعمل الموظفون تحت إشراف منسق أعمال اللجنة، الذي يكون مسؤولاً بشكل مباشر تجاه مجلس اللجنة.

(3) يُعِد الموظفون تقارير، من شأنها مساعدة مجلس اللجنة على دراسة وضع أسعار البترول بصورة دائمة.

4. النصوص المالية:

تتحمل الدول الأعضاء المعنية التعويضات وأجور السفر والنفقات الأخرى. ويجوز لأي دولة من الدول الأعضاء أو لأي من أعضاء مجلس اللجنة، عن طريق الأمين العام، التقدم إلى المؤتمر بأي تعديلات مقترحة على النظام الأساسي للجنة.

5 . التناقضات في بنية الأوبك:

تضم الأوبك بين جنباتها كياناً مليئاً بالاختلافات والتناقضات بين أعضائها منذ نشأتها، إذ ضمت دولاً تختلف في ظروفها السياسية والاقتصادية والجغرافية والسكانية وظلت هذه الاختلافات كامنة حتى أواخر السبعينيات من القرن العشرين للأسباب الآتية:

أ . خضوع أسواق البترول في السنوات الأولى من السبعينيات للشركات الكبرى، والتي تضع سياسات ومعدلات الإنتاج، وفقاً لمزيج من الاعتبارات السياسية والاقتصادية والفنية، التي تخدم مصالح هذه الشركات ودولها.

ب. ارتفاع معدلات الإنتاج بشكل يجعل الأسواق كافية دون حاجة للتناحر بين المنتجين لإيجاد أسواق.

ولمناقشة التناقضات بشكل أوضح لا بد من دراسة أحوال أعضائها كما يلي:

(1) حجم الاحتياطي الثابت من الزيت الخام لأعضاء المنظمة 435.556 بليون برميل (68.6% من احتياطي العالم) عام 1979، و811.526 بليون برميل (77.8% من احتياطي العالم) عام 1999 (انظر جدول احتياطي الزيت الخام الثابت لدول الأوبك في الفترة من 1979 – 1999، وجدول احتياطي الزيت الخام الثابت لدول العالم في الفترة من 1979 – 1999).

(2) حجم احتياطي الغاز الطبيعي الثابت لدول الأوبك 28.7 تريليون متر مكعب (38.2% من الاحتياطي العالمي عام 1979)، 49.8 تريليون متر مكعب (38.6% من الاحتياطي العالمي عام 1989)، أصبح 68.057 تريليون متر مكعب (43.4% من احتياطي العالم) عام 1999 (انظر جدول احتياطي الغاز الطبيعي الثابت لدول الأوبك في الفترة من 1979 – 1999، وجدول احتياطي الغاز الطبيعي الثابت لدول العالم في الفترة من 1979 – 1999).

(3) الطاقة التصديرية لبترول الأوبك عام 1979 هي 38.4 مليون برميل يومياً، ومعدل الإنتاج الفعلي في نفس العام 31.3 مليون برميل يومياً.

(4) الطاقة التصديرية للأوبك عام 1991، 28.2 مليون برميل/ يوم.

(5) الطاقة التصديرية للأوبك عام 1990، 25.6 مليون برميل/ يوم.

(6) مجموع تعداد سكان دول الأوبك عام 1979، 311.787 مليون نسمة، و504.968 مليون نسمة عام 1999 (انظر جدول التعداد السكاني لدول الأوبك في الفترة من 1979 – 1999).

(7) في منتصف السبعينيات انتقلت مسؤولية تخطيط السياسات الإنتاجية من شركات البترول الخاصة العاملة في بلدان الأوبك إلى حكومات المنظمة.

(8) مع بداية عام 1980/1981 حدث هبوط حاد في الطلب على بترول الأوبك، وهو ما جعل الأعضاء يطبقون نظام الحصص ـ الذي يحدد حصة محددة لكل دولة منتجة، طبقاً لنسبة إنتاج الدولة مقارنة بإنتاج دول الأوبك مجتمعة ـ مع مراعاة الظروف الخاصة للأعضاء الأقل قدرة، وما ينطوي على ذلك من تفاوت هائل بين الطاقات الاستيعابية لمختلف الدول، التي تمثل الإمكانات البترولية الفعلية لكل دولة منتجة، نسبة صادراتها إلى الدخل القومي، عدد سكانها مقارنة بدول الأوبك، وتقسم الدول تبعاً للطاقات الاستيعابية إلى:

(أ) مجموعة الطاقة الاستيعابية المرتفعة: وتضم نيجيريا، والجزائر، والجابون، والإكوادور، وفنزويلا، وإندونيسيا.

(ب) مجموعة الطاقة الاستيعابية المتوسطة: وتضم العراق، وليبيا، وإيران.

(ج) مجموعة الطاقة الاستيعابية المنخفضة: وتضم السعودية، والكويت، والإمارات، وقطر.

ومن هنا تبرز التناقضات في الآتي:

·عدم توازن توزيع الثروة البترولية بشكل صارخ، إذ إن 59.6% من مجموع الاحتياطي الثابت موجود في أربع دول هي: السعودية، والكويت، والإمارات، وقطر. وتضم 4% فقط من مجموع سكان المنظمة (18.4 مليون نسمة)، والكفاءة الإنتاجية (التصديرية) لها 13.1 مليون برميل/ يوم، أي 46.4% من مجموع طاقات المنظمة.

·اثنان من الدول المكونة للطاقات الاستيعابية المتوسطة وهما: العراق وإيران، تناحرتا في حرب مدمرة، استمرت ثماني سنوات، ثم غزو العراق لجارته (الكويت)، وما تبع ذلك من استنزاف للموارد المالية والبترولية لهاتين الدولتين، أما الدولة الثالثة (ليبيا) فتعرضت هي الأخرى إلى بعض الظروف السياسية، وبالتالي فإن الصادرات الفعلية لهذه الدول لم تعد تعبر عن إمكانياتها الفعلية. وقبيل اندلاع الحرب العراقية ـ الإيرانية، كانت هناك الثورة الإسلامية في إيران، التي ساعدت على خفض الإنتاج كذلك.

وبنظرة فاحصة يمكن ملاحظة الآتي:

ـ في عام 1979، كانت الأحوال مضطربة في إيران، بسبب الثورة الإسلامية، وهو ما أدى إلى انخفاض معدل الإنتاج الإيراني إلى النصف تقريباً، وعُوّض فارق الإنتاج من المصدرين داخل وخارج الأوبك.

ـ في عام 1986 انخفض معدل الإنتاج إلى 18.6 للمجموعة (أ) و45.2 للمجموعة (ب)، بينما بلغت النسبة في المجموعة (ج) 42% وذلك لاستمرار الحرب العراقية ـ الإيرانية.

ـ في عام 1989، أي بعد انتهاء الحرب العراقية ـ الإيرانية، ارتفع إنتاج الأوبك بنحو 3.6 مليون برميل/ يوم مقارنة بإنتاج عام 1986، وينخفض بمقدار 8.3 مليون برميل/ يوم عن عام 1979.

ـ عام 1990 بعد غزو العراق الكويت، رفعت دول الأوبك إنتاجها لتعويض توقف الإمدادات من الكويت والعراق، وأدى ذلك إلى تراجع الأسعار وهبوطها بشدة بعد أن انتعشت وارتفعت لمستويات عالية.

·تتفاوت الأحوال الاقتصادية كثيراً بين الدول أعضاء المنظمة، فالمستوى الاقتصادي لدول الخليج العربي مرتفع ودخل البترول عالٍ بينما عدد السكان منخفض. وينعكس ذلك على الأحوال الاقتصادية ويختلف ذلك عن بعض الدول الأخرى التي تتميز بعدد سكان مرتفع يلتهم دخل البترول. وأسهمت بعض العوامل في سوء توزيع العبء الاقتصادي على أعضاء المنظمة عام 1974، إذ زادت صادرات السعودية، وإيران، والإمارات، ونيجيريا وإندونيسيا، بينما انخفضت صادرات الكويت، وليبيا، والجزائر. كما تحول الطلب العالمي إلى الإقبال على البترول الذي يحتوي على شوائب والبعيد، بدلاً من البترول الخفيف والقريب، مما أدى إلى الإحجام مثلاً عن طلب البترول الليبي.

ثالثاً: "الأوبك" و"الأوابك" والعلاقة بينهما

يحدث أحياناً خلط بين منظمتي الأوبك والأوابك OAPEC، حيث يعتقد بعض الناس أنهما شيء واحد وذلك عند نقل الأخبار عنهما، لذلك وجب إلقاء الضوء على منظمة الأوابك وعلاقتها بمنظمة الأوبك.

1. منظمة الأقطار العربية المصدرة للبترول "الأوابك":

هي منظمة عربية أُنشئت، بعد توقيع اتفاقية في بيروت في 9 يناير 1968، بين ثلاث دول هي: الكويت، والسعودية، وليبيا. وقد اُختيرت الكويت مقراً لها. ونصت المادة السابعة من الاتفاقية على أنه من الشروط الأساسية للعضوية في المنظمة "أن يكون البترول هو المصدر الرئيسي والأساسي للدخل القومي"، ولكن هذا النص عُدِّل في 9 ديسمبر 1971 لجذب دول عربية أخرى، مما يعطي المنظمة قاعدة عربية أقوى وأكبر، وأصبح النص كالآتي "أن يكون البترول مصدراً مهماً للدخل القومي في هذا البلد"، فأدى هذا التعديل إلى انضمام دول عربية أخرى هي: البحرين، والجزائر، وأبو ظبي (الإمارات حالياً)، وقطر، في عام 1970. ثم انضمت العراق، وسورية في عام 1972، ثم انضمت مصر في عام 1973. وفي عام 1982 انضمت تونس لعضوية المنظمة، ثم تقدمت تونس بطلب انسحاب من عضوية المنظمة عام 1986، ولكن المجلس الوزاري تداول الطلب ووافق على تعليق عضويتها، ليصبح عدد الدول الأعضاء إحدى عشرة دولة عربية.

وقد حددت المادة الثانية من اتفاقية إنشاء المنظمة: "أن أهداف المنظمة هي تعاون الأعضاء في مختلف مجالات صناعة البترول لتحقيق أفضل العلاقات فيما بينها, وتوحيد الجهود لتأمين وصول البترول إلى أسواق استهلاكه بشروط معقولة وعادلة، وتحديد الوسائل والطرق المناسبة للمحافظة على المصالح المشروعة للدول الأعضاء منفردين ومجتمعين. كذلك مساعدة الدول الأعضاء في تبادل المعلومات والخبرات، وتوفير فرص العمل والتدريب في مجالات صناعة البترول، وإقامة المشروعات المشتركة في مجال البترول باستخدام الموارد المالية للأعضاء, والتعاون فيما بينهم لحل ما يعترضهم من مشكلات في مجال البترول.

2. أجهزة منظمة "الأوابك":

تقوم منظمة الأوابك بأداء دورها من خلال أجهزتها التالية:

أ. المجلس الوزاري.

ب. المكتب التنفيذي.

ج. الأمانة العامة.

د. الهيئة القضائية.

3. العلاقة بين "الأوبك" و"الأوابك"

تنص المادة الثالثة من اتفاقية إنشاء الأوابك على أن لا تتعارض أهداف كل من "الأوابك" و"الأوبك"، خصوصاً فيما يتعلق بحقوق والتزامات أعضاء منظمة الأوبك تجاهها، كما يلتزم أطراف هذه الاتفاقية بقرارات الأوبك المصادق عليها، وعليهم العمل بموجبها حتى وإن كانوا غير أعضاء في الأوبك.

يتضح أن الدول الثلاث المؤسسة للأوابك (الكويت، السعودية، ليبيا) وهي في الوقت نفسه من أعضاء الأوبك، كانت تحرص على عدم تعارض أهداف الأوابك مع الأوبك طبقاً لنص المادة الثالثة من اتفاقية الأوابك، على الرغم من أن الدول المؤسسة كانت تهدف من إنشاء الأوابك إلى تكوين منظمة عربية لا تسيطر عليها دول أخرى غير عربية.

وطبقاً لاتفاقية الأوابك، فإن أي عضو ينضم إليها، يجب أن يلتزم بمراعاة مستويات الأسعار، التي تهدف إليها قرارات الأوبك، بما يساعد على تقوية دول الأوبك في العمل على استقرار الأسواق والحفاظ على مستويات الأسعار.

كما تنص المادة الثالثة من اتفاقية الأوابك على أن يلتزم كل عضو من أعضاء الأوابك بقرارات الأوبك، والغرض من هذا النص هو عدم تشكيل تكتل داخل الأوبك.

ويجب أن يلتزم الأعضاء بالتعاون مع الدول الأخرى لتحقيق الصالح العام، وتحقيق مستويات عادلة من أسعار البترول، وتجنب فائض الإنتاج بالحفاظ على معدلات إنتاجية تحقق التوازن في سوق البترول العالمية.

ويوضح نص المادة الثانية من اتفاقية الأوابك أن أهدافها اقتصادية، وأنها تحرص على تجنب النواحي السياسية، ولكن، مما لاشك فيه، أن السياسة لعبت دوراً كبيراً في آفاق عمل الأوابك.

4 . إحلال الأوابك محل الأوبك

يرى الخبراء أن المنطقة العربية، وخاصة منطقة الخليج، ستمسك بمفاتيح المستقبل بالنسبة لاحتياجات العالم من البترول، ولن تحتاج بعد ذلك إلا للتنسيق بين سياساتها، لكي تحمي مصالحها، وتحقق من الثروة ما يؤمن مستقبل شعوبها، بعد النضوب الذي ستتسارع خطاه، إذا مارس العالم عليها ضغوطاً للوفاء باحتياجاته المتزايدة. ولا شك أنها إن فعلت ذلك، فإنها لا تتجاوز ما تقوم به فعلاً الدول الصناعية المستهلكة للطاقة من تنسيق لسياساتها في مجال الطاقة.

رابعاً: الأوبك وشركات البترول الكبرى (الكارتل)

تمتد بدايات استخراج البترول إلى جذور التاريخ، حيث كان يستخرج البترول من الرشح الطافي على سطح البرك والمستنقعات، أو من الشقوق الموجودة في القشرة الأرضية، ولكن البداية الحقيقية لاستخراجه بدأت بحفر أول بئر بترول في ولاية بنسلفانيا Pennsylvania الأمريكية على يد الكولونيل إدوين دريك Edwin Drake عام 1859، وكان سعر البرميل وقتها عشرين دولاراً، وهو سعر مرتفع لقوة الدولار الشرائية، وقلة الطلب على البترول حينئذ. ثم توالت الاكتشافات البترولية في بنسلفانيا بعد ذلك تباعاً وبدأ الطلب على البترول يتزايد، ومن ثَم، انخفض سعر البرميل إلى نصف دولار عام 1861، ثم أخذت أسعاره بعد ذلك في التزايد والتناقص، تبعاً لقوة العرض والطلب والمتغيرات السياسية والاقتصادية والعلمية والتكنولوجية في بلدان العالم.

هكذا كانت بداية صناعة البترول في الولايات المتحدة الأمريكية، وكان أهم ما يميزها في المرحلة الأولى هو الانفصال، حيث كانت كل مرحلة من مراحل التصنيع منفصلة عن الأخرى، وكانت عملية النقل حكراً على شركة السكك الحديدية، ولكن مع بُعد أسواق الاستهلاك وبُعد الموانئ الأمريكية عن أماكن تصدير البترول، أُقيمت معامل التكرير في موانئ التصدير وأسواق الاستهلاك، وضاعف ذلك من أهمية عامل النقل حتى أصبح عنصراً حاكماً في إستراتيجية صناعة البترول. ومن هنا مُدّت شبكة أنابيب بين معامل التكرير وموانئ التصدير أو أسواق الاستهلاك. وفي غضون ذلك، ظهر جون روكفلر John Rockefeller، الذي أسس شركة نيوجيرسي ستاندرد عام 1880 Standard Oil of New Jersey، واستطاع، من خلالها، وبعبقريته، فرض سيطرته على صناعة البترول الأمريكية، واحتكار عملية شراء الزيت الخام، وبدأ من ذلك الحين بتطبيق مبدأ التكامل الرأسي لصناعة البترول من البئر إلى المستهلك في الولايات المتحدة الأمريكية أولاً، ثم باقي دول العالم. ومن هنا أصبحت شركة نيوجيرسي ستاندرد المصدر الرئيسي لإمدادات البترول العالمية حتى إنه بحلول عام 1885 أصبح نحو 70% من نشاطها خارج الولايات المتحدة الأمريكية، وأصبح هذا الحال حتى عام 1890، حيث ظهرت على الساحة العالمية حقول باكو Baku في القوقاز. وهي حقول أغزر من حقول بنسلفانيا، ومن هنا ظهرت المنافسة بين البترول الأمريكي والروسي، إلا أن غزارة البترول الروسي وقربه من دول أوروبا، جعله ينتزع أسواق جنوب أوروبا وثلث أسواق شمال أوروبا من طريق شركة ماركوس صمويل Marcus Samuel البريطانية، التي كانت توزع البترول الروسي وتُسوقه. وصمم "صمويل" في هذا الوقت أول ناقلة بترول روعي في بنائها متطلبات لوائح قناة السويس، ومن هنا أصبحت قناة السويس أهم طريق مائي في العالم لنقل البترول، ثم تمكن صمويل بعد ذلك من تسويق البترول الروسي في الشرق الأقصى وقام وأسَّس شركة شل الهولندية الملكية Royal Dutch-Shell وهي شركة مُكونّة من مجموعة شركات صغيرة حجماً، ثم اندمجت شركة شل الهولندية الملكية مع شل للنقل والتجارة، وأصبحت ثاني أكبر شركة بترول عالمية. وفي عام 1901 استطاع المغامر البريطاني وليم نوكس دارسي William Knox D'Arcy الحصول على امتياز للتنقيب عن البترول في إيران، وشرع في التنقيب عام 1906، وفي عام 1908 اكتشف البترول في الأراضي الإيرانية بكميات تجارية، وكان هدفه من وراء ذلك مادياً قبل هدف الاكتشاف، ثم أسس شركة البترول الإنجليزية ـ الفارسية Anglo Persian Oil Company بغرض استغلال البترول الإيراني وتسويقه. وبسبب عدم كفاية التمويل، حَجّم نشاط الشركة، إلا أنه في غضون الحرب العالمية الأولى، واعتماد بريطانيا على تموين السفن بالبترول بدلاً من الفحم، استطاع "دارسي" إقناع بريطانيا بدخولها شريكاً حاكماً في الشركة، وهكذا ظهرت ثالث شركة بترول عالمية ضخمة. ولكن بعد تغير موازين القوى بعد الحرب العالمية الأولى بدأت الشركات الكبرى الثلاث نيوجرسي ستاندرد، وشل، والبترول الإنجليزية ـ الفارسية، سعيها إلى حسم منازعات المنافسة، وإحلال التضامن محل التنافس، وأُبرمت اتفاقية الخط الأحمر، التي أدت إلى تكوين شركة بترول العراق عام 1927. وفي أغسطس 1928 عقد رؤساء الشركات الثلاث اجتماعاً في قلعة أكناكاري في اسكتلندا، استمر حتى أوائل سبتمبر 1928، وأصدروا في هذا الاجتماع مبادئ عدة يلتزمون باتباعها بهدف القضاء على فائض العرض من البترول، حيث تحتفظ كل شركة بنصيبها في السوق العالمي، وسُمِّي هذا الاتفاق "بالاتفاق على ما هو كائن" As is Agreement. وهو اتفاق يُعد بمثابة نشأة كارتل البترول العالمي، الذي ضم تكتل شركات البترول الكبرى العالمية.

انظر ايضا

المصدر