مقبرة الخيزران

هي مقبرة الأعظمية في بغداد وتعرف حالياً بمقبرة الأمام الأعظم حيث إنها تحيط بمسجد الإمام أبو حنيفة النعمان بن ثابت الكوفي، الذي دفن فيها عام 150هـ/767م، وهذه المقبرة قديمة العهد وهي أصل مدينة الأعظمية، وضمت كثيراً من رفات فقهاء المسلمين ومراجع العلم والدين. وسميت بالخيزران نسبة إلى الخيزران بنت عطاء زوج الخليفة المهدي ووالدة الهادي وهارون الرشيد والتي توفيت ودفنت فيها عام 173هـ، وتحوي هذه المقبرة على الكثير من قبور العلماء والفقهاء والولاة الذين حكموا البلاد في زمن الدولة العثمانية، وكذلك المتصوفة، ومنهم أبو بكر الشبلي حيث يوجد له مقام معروف فيها تم تجديده حديثا، والشاعر جميل صدقي الزهاوي والشاعر معروف الرصافي، والشيخ عبد القادر الخطيب والشيخ أمجد الزهاوي، وغيرهم من الأعلام كساطع الحصري، والأستاذ عبد الرحمن البزاز، والعلامة الشاعر وليد الأعظمي الذي ذكرها في كتابهِ (أعيان الزمان وجيران النعمان في مقبرة الخيزران) وقال فيها:

هذي القبورُ تُـناديكم وتـُخبركم              بـمـا لقي ساكنوها فأسمعوا الخبرا

تقول أفنيتُ ناساً لا عداد لهـم              فـمـا تركـتُ لهـم عيـنـاً ولا أثـرا

تاريخ المقبرة

وللمقبرة ذكر في كتب التراجم والخطط، فهي من المعالم الكبيرة الشهيرة في خطط بغداد التي ظلت شاخصة في الجانب الشرقي قبل بناء أبو جعفر المنصور للمدينة في الجانب الغربي، وكان الجانب الشرقي مزارع وبساتين، وكانت فيه بيوت متناثرة متباعدة بينها بعض الأديرة لأهل الكتاب، من جهة الشمال الشرقي بين الحقول والسواقي، وبخاصة نهر الخالص، وينبت فيها أنواع القصب والبردي حتى صارت أجمة واسعة تكثر فيها أنواع الطيور ويذهب إليها الناس لقضاء أوقات فراغهم للتسلية وأصطياد الطيور، وعرفت هذه المنطقة قديما باسم رقة الشماسية.

ومن أقدم الأعلام الذين دفنوا فيها هشام بن عروة بن الزبير عام 145هـ، ومحمد بن اسحاق عام 151هـ، وذكر بعضهم إن هذا الموضع كان مقبرة لملوك الفرس المجوس قبل فتح العراق، وأهملت المقبرة فيما بعد، حتى درست واتخذها المسلمون من جديد مقبرة لموتاهم، وعند توسيع جامع أبو حنيفة عام1972م، وعند حفر السرداب العميق تحت بناية الحرم الجديد، عثر العمال عند الحفر بعمق أكثر من أربعة أمتار على قبور مصنوعة من الخزف على شكل (حب الماء) وتم نقلها للمتحف العراقي. ولقد سميت بمقابر الخيزران ثم سميت بمقبرة الرصافة ومقبرة باب الطاق ومقبرة سوق يحيى وذلك لتداخل المحلات وسميت بمقبرة محلة الإمام أبي حنيفة ثم سميت مقبرة الإمام الأعظم وأخيرا سميت مقبرة الأعظمية، وكانت المقبرة واسعة جدا تمتد إلى منطقة دائرة بريد الأعظمية القديم وكانت تشمل سوق الأعظمية القديم وتمتد إلى مسجد بشر الحنفي المعروف حاليا باسم مسجد بشر الحافي وتضم مسجد حسن بك ومسجد التكية في سوق الأعظمية، وكان مشهد مسجد أبي حنيفة ضمن المقابر وكان الناس يسيرون بين المقبرة ليصلوا للمسجد كما هو الحال الآن في مسجد الشيخ معروف الكرخي. ولكن حوادث الغرق والطوفان والفتن وتخريبات الفرس أيام الصفويين جعلت الناس يقتطعون أجزاء من المقبرة ويبنونها ويسكنون فيها بجوار المسجد، حتى عادت مقبرة الخيزران مقبرة صغيرة تحيط بها الدور والمساكن، وكان الناس قديما لا يبنون قبور موتاهم بالطابوق والجص لأنهم لا يرغبون أن يضعوا على موتاهم طابوقا مفخورا بالنار، وإنما كانوا يبنون باللبن، وهو طابوق من الطين المجفف بالشمس لا يدوم طويلا لذلك كانت المقبرة فارغة من مشاهد القبور وليس فيها سوى قبور متناثرة بعيدة وهي للولاة والحكام الأتراك وعليها رقيم من الرخام يتضمن أشعاراً وتأريخاً بخط بهيج بديع. ونجد في كتاب أعيان الزمان وجيران النعمان للمؤلف العلامة الشاعر وليد الأعظمي في مقبرة الخيزران مرحلة منسية من تاريخ العراق، وأنقطاعاً في التراجم لمدة قرنين ونصف (من منتصف القرن الثامن الهجري إلى نهاية القرن العاشر الهجري)، وهي الفترة المظلمة أيام الحكم المغولي وحكم التركمان والصفويين لبغداد.

مراجع

  • دليل خارطة بغداد المفصل - مصطفى جواد وأحمد سوسة (مشاركة)- مطبعة المجمع العلمي العراقي - 1958م.

  • أعيان الزمان وجيران النعمان في مقبرة الخيزران - وليد الأعظمي - مكتبة الرقيم - بغداد - 2001م.

  • تاريخ الأعظمية - وليد الأعظمي - بيروت 1999م.

  • كتاب البغداديون أخبارهم ومجالسهم - إبراهيم عبد الغني الدروبي - مطبعة الرابطة - بغداد - 1958م - صفحة 360.

المصدر