الاتحاد الوطني الكردستاني

التعريف

الاتحاد الوطني الكردستاني
على ضوء هذا التعبير النظري، السياسي، الاجتماعي، الاقتصادي، والثقافي اعلاه، واخذ الجذور التاريخية له بنظرالاعتبار، كنهج مجدد لنفسه دوماَ، يجب تعريف الاتحاد الوطني الكوردستاني، بأنه حزب اشتراكي ديمقراطي لشعب كوردستان العراق، يمثل في المقدمة العمال وكادحي الفكر والسواعد في المجتمع، ويناضل من اجل انجاز مهام وواجبات مرحلة التحرر الوطني، والنظام الديمقراطي والعلمانى، وبناء المجتمع المدني التقدمي المنسجم مع الظروف والاحوال السائدة حاليا في العالم، والذي يستمر نضاله الى أن تتحقق العدالة الاجتماعية، عن طريق المواءمة والملاءمة َمع أسس وقواعد التعايش السلمي المتوازن المتمثل في تحقيق الرفاهية وحماية حقوق الانسان، وحقوق الفرد، والمساواة بين الرجل والمرأة، والمساواة أمام القانون، وأن يناضل، في الوقت نفسه، من أجل: تحقيق المساواة في ايجاد فرص للعمل، وفي تنمية ورعاية روح الاستقلال عند الفرد، وفي القضاء على الاستغلال والظلم، واقتلاع جذور التمييز الجنسي والطبقي والقومي.

ومن جانب آخر، تقع على عاتق الاتحاد الوطني الكوردستاني، كحزب كوردستاني، ميدان عمله ونشاطه ليس كوردستان العراق فحسب، بل العراق كله

جميع التوضيحات والتفسيرات أعلاه، هي تفسيرات وتوضيحات عامة شاملة ، لكنها باستطاعتها،كحزمة واحدة، ان تكون ،في نفس الوقت، اساسا للفكر الاشتراكي الديمقراطي للاتحاد الوطني الكوردستاني، كمنظمة ديمقراطية تحررية كوردستانية، تربط الإشتراكية بالمديات الديمقراطية، والديمقراطية بالإتجاهات الإجتماعية، لتهيئة أرضية إنتقالية، بلاهزات اجتماعية خطيرة، في المستقبل المنظور

البرنامج

المدخل

فى ظل ظروف و احوال عالمية متغيرة، واوضاع وأحداث سياسية عراقية متقلبة، واقليمية الى حد ما، حيث تنشر العولمة ظلالها السياسية والاقتصادية والتكنولوجية والاعلامية، فى انحاء العالم كافة،وإذ أوصلت هذه العولمة، ومنذ القرن الثامن عشرــ الثورة و المشروع الديموقراطى، الى مستوى متقدم من الناحية الاقتصادية، والسياسية، والاجتماعية، وحقوق المراة،وحريات الفرد والمجموع، لكن،بالرغم من وجود الازمات والمشاكل والفوارق والاستغلال الطبقى، ألا أن الديموقراطية والرأسمالية لم تسقط ولم تضعف، بل وصل تطور استراتيجية الديموقراطية ،والسوق الحرة الى مستوى واتجاه، لا يمكن فيه قط ، بعد الان، حصر منجزات مدنية الديموقراطية ومفاخرها، فى اطار الغرب بل يجب نقلها، لاسيما بعد الحرب الباردة، الى كل ارجاء العالم، ليس هذا فقط، لأن الديموقراطية و حقوق الانسان والحريات العامة فى غاية الاهمية للبشرية كافة، وانما لأن النظام الراسمالى باجمعه، و مراحل حفاظه على نفسه وديمومته، من اجل التقدم الديموقراطى، والحرية والامن العالمي، بحاجة ماسة الى نشر العلم والتكنولوجيا ،والمدنية الديموقراطية الجديدة فى العالم ، العالم كله، من الشمال والجنوب الى الشرق والغرب ،من الكرة الارضية . ففى ظل ظروف واوضاع قلقة مهزوزة مقلقة كهذا، تسود العالم والعولمة، عقد الاتحاد الوطني الكوردستاني، في الايام(1-14/6/2010) مؤتمره الثالث، فى السليمانية، تحت شعار: "نحو التغيير وترسيخ الاتحاد داخل الاتحاد" ، شارك فيه (1671) عضوا عاملا من اعضائه،وفي هذا المؤتمر تمت الموافقةٍ على اقرار هذا المنهاج والنظام الداخلي، و بهذا اصبح هذا المنهاج والنظام الداخلي، وللسنوات الثلاث القادمة، المنظورالفلسفي والايديولوجي، والسياسي، والهيكل التنظيمي للاتحاد الوطنى الكوردستاني، وقد جاء نتيجة لمناقشات حرة، جرت بين اكثرمن (1000) ألف عضو في المؤتمر، ثم أقرفي المؤتمر ولجانه.

وعندمقارنة موضوعية بين فقرات هذا المنهاج والنظام مع المنهاج والنظام الداخلي للمؤتمر الثاني للاتحاد الوطنى الكوردستاني، يظهر بكل سهولة و وضوح مدى التغييرالشامل الذي حصل فيه.هذه التغييرات كانت استجابة لمطالبات متراكمةومتزاحمة، طيلة سنوات مضت لمراكز التنظيم والمخلصين في (أ.و.ك)، تحققت، لحسن الحظ، في هذا المؤتمر. بقي أن نقول: إن درجة الالتزام إلى حين انعقاد المؤتمرالرابع، بالمنهاج والنظام الداخلي، وقرارات المؤتمر وتوصياته، بل كيفية تنفيذها، في خضم النضال والعمل، هو واجب ومسؤولية تاريخية ملقاة على عاتق هيئات وأجهزة ومؤسسات (أ.وك) بدءأ من الأخ السكرتير العام، ونزولا الى القيادة، والمكتب السياسي، والهيئة العاملة، والمجلس المركزي، وجميع المراكز الاخرى في (أ.و.ك).وبهذا فقط نستطيع تنفيذ ميثاق المؤتمر ورسالته، فى صفوف كادحي الفكر والسواعد، كقوة اشتراكية- ديمقراطية، و صاحبة برنامج ومكانة اجتماعية متميزة ،لانجاز واجبات المشروع الديمقراطي، والسير نحو تحقيق العدالة الاجتماعية، بين افراد وشرائح شعبنا، بالعمل والالتزام بالخصائص والصفات الديمقراطية الحقيقية . لاشك انه ليس من المحال لقوة تاريخية مقتدرة، مثل الاتحاد الوطني الكوردستاني، الالتزام بهذا المنهاج والنظام الداخلي، وتنفيذ ماورد فيهما. هذا (الاتحاد) الذى كان ،ولايزال، في طليعة الرواد السائرين في الدروب النضالية السياسية والاجتماعية الشائكة. نعم، هذا (الاتحاد) الثوري الديمقراطي الذي تمكن من.

- احياء أمل تحقيق الانتصار، في ظروف اليأس والانكسار.

- الصمود بوجه الصعاب والفواجع، والقصف الكيمياوي، والترحيل والتهجير، والتعريب والتبعيث،والتصدي لها.

¬- مواكبة النضال، ورفض الاستسلام، قبل الحرب العراقية- الايرانية، وبعد الاتفاق على وقف اطلاق النار

- وضع (الحكم الذاتي) في ثلاجة الزمن، منذ بداية الثمانينات، وجعل استراتيجة حق تقرير المصير هدفا و مرادا.

- ممارسة الدور الاكثر تأثيراَ في قيام الانتفاضة.

- جعل تجربة الفيدرالية حقيقة تاريخية

- أصبح المحرك الفعال لإسقاط الفاشية.

- أزال، بتصديه لمليشيا السلفية، الخطر على الديمقراطية.

- اصدار أول صحيفة يومية كوردية، وتأسيس اول محطة تلفزيونية كوردستانية.

- التصدي للتدخلات الاقليمية ومؤامراتها.

- كونه القوة الاكثر التزاماَ بالديمقراطية والحرية، والاستقلال .

- تغيير قانون الاحوال الشخصية، فيما له علاقة بالمرأة.

- كونه قوة رئيسة في بناء عراق ديمقراطي.

- بقاؤه كما كان ،منذ تشكيل الجبهة الكوردستانية بعد الإنتفاضة،الى يوم تشكيل التحالف الكوردستاني (2009م).

- لم يعرضه اكبر ردة وانحراف وخداع للرأي العام، الى الانهيار والهزيمة.

- قبوله كعضو دائم في الاشتراكية- الدولية، نتيجة لالتزامه بالديمقراطية والحرية والمجتمع المدني.

- تحقيقه مطالب مهنية كثيرة للنقابات، الى يومنا هذا.

- تأمين الخبز والحرية، فى الجبل والمدينة، للادباء والكتاب.

- فى مؤتمره الثالث استطاعت النساء الحصول على عضوية اللجنة القيادية والمجلس المركزى، بنسبة (20%)، فضلا عن وصول العديد من الشباب الى اللجنة القيادية .

إن(اتحادا) كهذا تمكن بهذا الشكل من مد جذوره الى اعماق المجتمع الكوردستاني، وصاحب مثل هذه الانجازات والتغييرات التاريخية، يستطيع وبلا ادنى شك، تنفيذ قراراته وبرامجه، بين الناس وشرائح المجتمع، وتحقيق ماهو مطلوب ،من اجل تصحيح الاخطاء ،وازالة النواقص، ومحاربة الطفيليين والفاسدين ومحاسبة المقصرين، من اجل خدمة الناس والمجتمع.

نأمل من الرفاق في الاتحاد الوطني الكوردستانى؛الاتحاد المرفوع الرأس والهامة العالية فى التاريخ الحديث؛ الاتحاد محقق المنجزات التاريخية؛ الاتحاد المحافظ على الديمقراطية ومطورها؛ الاتحاد .. كقوة تاريخية دائمة مستمرة، نأمل من اعضائه أن يناضلوا بلا كلل وملل، و ان يجعلوا، فى معترك النضال، المنهاج والنظام الداخلى للمؤتمر الثالث منارا، لتقديم الخدمات وهاديا للسلوك ودافعا للعمل وتوعية الناس، والدفاع عن حقوقهم، والإنخراط الى صفوف كادحي الفكر والساعد، والنزول الى الازقة والمحلات والمدن الصغيرة فى الاطراف، والى القرى، لكي نتمكن من اجتياز المرحلة الانتقالية الديمقراطية، مثل المراحل الصعبة الاخرى للنضال، بنجاح وسلام.

فالى الامام نحو ضمان الانتصار للديمقراطية، والعلمانية، والمجتمع المدنى وتحقيق مجتمع العدالة الاجتماعية، فى المستقبل.

المكتب السياسي

-

المرحلة الانتقالية

تمر كوردستان العراق بمرحلة: ادارية، سياسية، اجتماعية، اقتصادية، و ثقافية حساسة، وهى( مرحلة انتقالية)،لم تكتمل فيها بعد الاسس والركائز الاقتصادية، والاصطفافات الطبقية، والاتجاهات الثقافية. وبناء على هذا نجد ان هناك خلافات متعددة ،بين الطروحات المختلفة، بشكل جدى، للسيطرة على زمام المرحلة ، الا ان العولمة، بجانبيها المضيء والخافت، هي الاطروحة السائدة، وقد ترسخ قسم من اسسها وقواعدها فى كوردستان. هذه المرحلة الانتقالية هى التى تبني التجربة الديموقراطية فى كوردستان على النقيض من حقبة الحرب العالمية الاولى التى تم فيها احتلال كوردستان، وتقسيمها، كما هى مختلفة عن الفترة الزمنية التى قامت فيها الحرب العالمية الثانية التي لم يراع فيها اى حق من الحقوق الديمقراطية لكوردستان وشعبها، اذ وضع الحلفاء جمهورية كوردستان الشرقية بين قطبي رحى في بدايات التوافق بين أقطاب الحرب الباردة، ولم يتعرض اى وطن او شعب من الشعوب، فى الشرق، للكوارث والنكبات، على ايدى اقطاب الشرق والغرب، بقدرماتعرض له الشعب الكوردى، حتى تحولت الحرب ضد الشعب الكوردي، الى حرب إبادة وقصف كيمياوى، وأمام أنظار الشرق والغرب في العالم المتحضر.

إن تجربة كوردستان الحالية، وعلى النقيض من التجارب السابقة كافة، تجري في عهد العولمة، وفي هذا العهد ، ولاول مرة ، تصل بدايات امواج الديمقراطية، من الغرب الى الشرق، كما أنه ، لاول مرة ايضا، تنسجم الجوانب المشرقة لهذه الحقبة مع استراتيجية التحرر و الديمقراطية للكورد و كوردستان، لذلك فان كوردستان العراق التي هي جزء من العراق، كدولة متعددة القوميات، متعددة الاديان، متعددة المذاهب، ترسي قواعد ومرتكزات بنائها من جديد، على اساس الفيدرالية والديمقراطية والبرلمانية، لكنها ليست طليقة اليدين في اتباع اتجاه مستقل كامل الاستقلال، فى بناء المجتمع بالشكل الذى يجسد مفهوم(الدولة-الامة)، لان هذا الطريق، فيما يتعلق بكوردستان العراق، مرتبط بعشرات العوائق والعقبات السياسية والدستورية، وقد جعل هذا الامر التطور الشامل، واستقلال كوردستان، عملا صعبا وشاقا، ولذلك، لايمكن فى النهاية التوصل الى تعريف تام شامل ومستقل لها.

فمن الناحية الاجتماعية، فان الفوارق الطبقية فى كوردستان العراق، وتحت تاَثير اقتصاد السوق وتيار العولمة المتسارع و المتطور تغذي مقومات نشوء قاعدة اصطفاف طبقى جديد، وبذا اصبح ارساء اللبنات الاساسية لتبلور طبقة وسطى مفصلا مهما للتغير الاجتماعى. ومن هذا المنطلق، بدأت تظهر،بين صفوف الحركة الاجتماعية الكوردية الجديدة، حركة عمالية ذات رؤية جديدة، ومنظور مختلف، على اساس النضال المهنى والنقابى والاصلاحى المعاصر،وهي تنتشر وتتوسع بمرور الزمن. لكن على الرغم من ان هذه الفوارق الطبقية هي من سمات مجتمع، لم يكتمل تماما نموه وتطوره الى الان، فضلا عن أن الطبقات والإختلافات والصراعات ما تزال بين مد وجزر، فإنه يمكن القول، على الاقل، أنها غير ناضجة بصورة كاملة من الناحية الاقتصادية والاجتماعية، لكن عدم النضوج هذا لم يتسبب فى اخفاء الفوارق بين الطبقات والمصالح المتناقضة، وهذه الفوارق الطبقية، رغم ضرورتها الاقتصادية التاريخية، تقف منذ الان، حجر عثرة، تعرقل السير نحو بناء مجتمع مرفه سعيد آمن منتفع من السلم الاجتماعى الذى تهىء فيه المساواة فرصا متساوية للجميع.

تحرر كوردستان

ومن جانب اخر، فان كوردستان العراق، من الناحية السياسية، هى صاحبة حركة تحررية، ناضلت من اجل تحرير وطنها المحتل المقسم، والمحروم ابناؤه من حقوقهم الديموقراطية. لقد تحقق قسم من اهداف هذه الحركة، ولكن هناك اهداف اخرى لم تتحقق، وإن عدم تحقيقها لفترة على المدى البعيد، تضع انتصار الحركة، والخصوصية السياسية والاقتصادية، لكل جزء من اجزاء كوردستان، والى حدما، مفهومنا ومنظورنا، للحركة التحررية والديموقراطية

ففى كوردستان، من الصعب التمييز والتفريق، فى الوقت الحاضر، لا من الناحية الواقعية، ولا من الناحية النظرية، بين التيارات السياسية –الاجتماعية، بسبب المرحلة الانتقالية الديموقراطية هذه، وعدم اكتمال الاصطفافات الطبقية وعدم نضوجها، ولا يرتبط هذا فقط بظروف المرحلة الانتقالية والسير بإتجاه الحداثة، بل مرتبط ايضا بالتوازنات السياسية الإقليمية، وبالظروف الثقافية والإقتصادية والسياسية الداخلية.وربما تكون ظروف المرحلة التحررية، هي العامل المؤثر الذي جعل الحدود الفاصلة والمميزة للطبقات الاجتماعية، والصراع الطبقي بين الطبقات غيرالمكتملة وغيرالناضجة حالياَ، من الناحية الاقتصادية والثقافية والاجتماعية والسايكولوجية النفسية، تتواءم وتتعايش بسلام، الى يومنا هذا، أو تجري الصراعات بينها بروية، وهدوء، وبلاعنف، لكن من المحتمل أن يشتد الصراع الطبقي بين حين وآخر، ويصل الى حد المواجهة بين الاطراف المتصارعة، وحينذاك سينتقل المجتمع من الاعتماد على المحفزات والدوافع القومية والوطنية والتحررية، بصورة مؤقتة، الى المحفزات والدوافع الاجتماعية.

أما من الناحية الاقتصادية، فان كوردستان، فى الوقت الحاضر، هي في مرحلة النمو والانتعاش، وأن هذ النمو والانتعاش، ليس فقط وليد هذه المرحلة، وانما يمكن القول انه وليد عملية تراكم رأس المال في المرحلة الانتقالية، دون اعداد ارضية اقتصادية وقانونية موضوعية، لتشغيل وادارة هذا الرأسمال المحلي، حتى يشارك بفاعلية اكبر في التعاملات المالية للمنطقة والعالم. أي، ان عدم وجود هذه الأرضية، يشكل، الى حدما، عقبة في طريق مشاركة رأس المال المحلي المتراكم مشاركة فعالة، في عملية التنمية الاقتصادية، وتغيير قنوات الموارد المالية في كوردستان، لمساعدة الحكومة في ادارة العملية الاقتصادية والاجتماعية. ومن هنا يستطيع رأس المال المتراكم تنفيذ المهام الاقتصادية، بصورة افضل، والمشاركة بفاعلية اكبر في عملية التنمية الاقتصادية،وتحقيق العدالة الاجتماعية، عن طريق اعادة توزيع وارادات الضرائب. ولتحقيق هذا المطلب يجب اعادة تنظيم قوانين الضرائب بصورة مناسبة، بحيث يكون النظام الضريبي هذا دائما في صالح تقليل الفارق بين ثروات الرأسماليين الكبار، ودخل العمال والكادحين المحدود، وتقليل الفوارق الطبقية الجائرة، خطوة بعد خطوة.

عهود الظلم

عملت الاطراف المنتصرة في الحرب العالمية الاولى والثانية، وفي ظل الحرب الباردة، من أجل جعل كوردستان العراق جزءا من دولة، بلا مرتكزات وأسس ثابتة معروفة، طوال اكثرمن سبعين عامأ. وطيلة الاعوام السبعين هذه، ولا سيما بعد استلام حزب البعث(حزب البعث العربي الاشتراكي) لزمام السلطة للمرة الثانية، في( تموز1968م) جعل حكام العراق ستراتيجية صهر القوميات هدفا من اهدافهم، وسعوا دوماَ الى تحقيقه، بعجالة، أو بهدوء أحيانا،عن طريق سياسة التضليل تارة، وبالحرب والقتل والاغتيال و الابادة الجماعية تارة أخرى، أو بعروض وأساليب سياسية، وكانوا يعتقدون بأنهم يستطيعون فقط، عن طريق صهر القومية الكوردية، تَأسيس دولة باستطاعتها تسلم قيادة العرب و زعامتهم. لقد أقرالمؤتمر التاسع لحزب البعث العربي الاشتراكي، وبوضوح تام ،رؤية هذا الحزب تجاه القوميات الأخرى التي تعيش ،حسب قولهم، في الوطن العربي، بما فيهم الكورد، إذ تبنىَ استراتيجة الاحزاب القومية الشوفينية المماثلة لحزب البعث تجاه القوميات الأخرى المشاركة لها في الوطن والأرض.

ان هذه الاستراتيجية لم تجعل من دولة العراق دولة بوليسية سفاكة للدماء، فحسب، بل جعلت الاسس والجذور والقواعد الايديولوجية والسياسية التي تؤمن بها مبنية ومعتمدة على جذور فاشية عنصرية، أنتجت النزوع الى ابادة سكان حلبجة والتهجير القسري وعمليات الانفال السيئة الصيت التي نفذت في كوردستان العراق.

لم تنسف عمليات الانفال مقومات المقاومة المسلحة في كوردستان ومرتكزاتها الاساسية فقط، وانما دمرت ايضاَ،بل قلبت رأسا َعلى عقب مسار التطور والتغييرفي المجتمع الكوردستاني، وأخضعتها لارادة الفاشت العنصريين، لاسيما بعد عمليات الانفال التي أدت الى تدمير قسم كبيرمن القرى والقصبات، واجبرت سكانها على العيش في المجمعات السكنية القسرية، أو الالتجاء الى المدن، والانتشار والإختباء في المحلات او الازقة. فلو شاء القدر وتأخرت الانتفاضة لسنوات أخر، أو لم تقم اصلاَ، لكان الحديث يأخذ مجرى آخر.

ان التغييرات التى حصلت على مستوى المجتمع، أثناء الفترة القصيرة التي تفصل مابين عمليات الانفال والانتفاضة، والتي لا تتجاوز مدتها ثلاث سنوات، كانت مؤثرة بشكل خطير، على مسار نمو الافكار والاراء القومية الكوردية وتطورها، والتي لم يتم، حتى الان، بحثها ودراستها وتحليلها، بالشكل العلمي المطلوب. ان ما يجب الحديث عنه هنا، وبعجالة، هو ان تلك التغييرات قد حصلت بشكل، أصاب نمو المجتمع بنوع من التشويه، وحرف اتجاهه وأثار فيه التعقيد، وملأ مساره بالعقبات والمطبات والبرك الراكدة. ان أحدات ما بعد الانتفاضة، ثم الاقتتال الداخلي، أزمت الاوضاع أكثر فاكثر، ففضلا عن الأزمات السياسية حينذاك، اصبحت الأزمات الاجتماعية، ميزة من ميزات المجتمع، في تلك المرحلة.

واستمر الحال الى سقوط نظام صدام وتأسيس الدولة العراقية الجديدة. هذه الدولة، وعلى النقيض مما حدث في بدايات تأسيس الدولة العراقية في العام (1921م)، قامت هذه المرة، في ظل ظروف واوضاع مختلفة، سادت العالم والمنطقة والعراق بعد العام (2003م)، وان كوردستان التي كانت تشكل آنذاك، القسم الاكثر أمنا وتقدماَ، من الدولة العراقية، بشكل نسبي ملموس وواضح، تمر الآن بمرحلة يسود فيها الأمن والاستقرار السياسي والاجتماعي، ونتج عن هذا زوال غيوم الفوضى السياسية والاجتماعية التي سادت لفترة محدودة، وانعكس هذا الأمر، بشكل واقعي على الخارطة الطبقية للمجتمع، بصورة افضل، وبشكل يرى فيه بوضوح التغييرات الجذرية التي حصلت في بنية المكونات الأساسية، للمجتمع الكوردستاني، أثناء السنوات السبع الماضية .

ففي الوقت الحاضر يمكن فصل الطبقات الاجتماعية عن بعضها، الى حد ما، وبهذه الصورة، فان المصالح الطبقية أصبحت اكثر بروزاَ ووضوحاَ،ولكن، بالرغم من عدم وضوح أهداف هذه الطبقات بالقدر الكافي، للتعبير عن الحدود التي هي في طريقها الى التبلور الاكثر وضوحاَ والاكثر استقلالا، فيما بين هذة الطبقات، إلا أن الطبقة الوسطى، بحكم سيادة اقتصاد السوق، وحرية الاندماج مع اسواق المنطقة، والاسواق الخارجية، كذلك بحكم مبادئ النظام المصرفي، وثقة المصارف بأصحاب رؤوس الاموال في كوردستان، وبحكم اسباب اقتصادية كثيرة اخرى، فان النمو الطبقي ، من الناحية العددية، واضح للعيان بصورة أكبر، وهو في طريقه، ليترك تأثيره، شيئا فشيئا، على الحياة الاجتماعية والسياسية والاقتصادية في كوردستان . ولا شك انه سيحقق، في المستقبل ، انقلابا حضاريا رأسماليا شاملا.

العولمة وتأثيرها الاجتماعي

في عصرالعولمة (Globalization )،وان كانت الطبقة المتوسطة، في العالم الرأسمالي المتطور هي المتضررة ،الى حد ما، أمام الاحتكاريين العالميين، الا ان الامر مختلف، في البلدان والدول المشابهة لكوردستان اقتصاديا واجتماعياَ، لأن المصالح العالمية، وتوسع وتراكم رؤوس الاموال ونموها وانتقالها الى البلدان المتخلفة، لاسيما في الألفية الثالثة، تتوافق وتشترك مع مصالح الطبقة المتوسطة الحديثة التكوين والنمو.. هذا، اضافة الى أن هذه الطبقة، طبقا لمنطق التغيير في هذا العصر، وحاجة الرأسمالية الغربية المتنامية والمتوسعة، الى الاسواق الرأسمالية الشرقية الحديثة النمو ــ غدت صاحبة مكانة مرموقة راسخة في السوق الحرة، وكذلك في التجربة الوطنية والديمقرطية الكوردستانية. أما داخل المجتمع، فليس هناك صراع وتناقض جدي، في الوقت الحاضر، لأن مهمات ومسؤوليات مرحلة التحررالوطني،والمشروع الديمقراطي الحديث البناء، كذلك البنية التحتية للسوق الحرة في كوردستان بحاجة ماسة،من الناحية التاريخية، الى الطبقة المتوسطة، ومن الضروي ان تكمل هذه الطبقة مسيرتها الإقتصادية والسياسية التاريخية .

إن الطبقة المتوسطة في كوردستان، هي طبقة نشطة فعالة حاليا، في سوق كوردستان والمنطقة والعالم، ولها وزن اقتصادي واجتماعي مميز، لذلك، تستطيع أن تحسم الكثيرمن المسائل، لاسيما في ظل نظام ديمقراطي، لذلك أصبحت هذة الطبقة محط انظارالقوى التقدمية والقوى المحافظة في كوردستان . فعدم الاستقرار، ووجود فضاء مناسب للفوضى والصراعات، وتذبذب اسعار السلع والبضائع في السوق الحرة، تعود أسبابه، من الناحية الموضوعية، الى الاوضاع الاقتصادية والاصطفافات الطبقية.

وهذا يعني ان هذه الطبقة القائمة، ستكون، في المستقبل القريب أنشط الطبقات الاجتماعية في كوردستان، لاسيما في السنوات القليلة القادمة. ويكمن سر نشاط حركة هذه الطبقة في أن قوى التجديد موجودة في رحمها، لكن هذه الطبقة لاتخلو من المخاطر، لأنها طبقة، وان كان لها ثقل اجتماعي واسع، إلا أنها تفتقر الى رابطة اجتماعية ونظرية موحدة، بسبب بنيتها المكونة من عدة شرائح اجتماعية، وان الفرق في الموارد المالية بين الشرائح العليا والشرائح الدنيا فيها كبير. بمعنى اخر، فإن هذه الطبقة ليست مستقرة ومتجانسة.

إن قسما من ثقل الاتحاد الوطني الكوردستاني، يكمن داخل هذه الطبقة، في هذه المرحلة، لأن هذه الطبقة، مهمة للبنية التحتية الاقتصادية، وكذلك للنمو الطبقي، المتزامن مع التقدم الاجتماعي ، وهي مهمة أيضا،باعتبارها القابلة التي تولد على يديها التغييرات الاقتصادية والاجتماعية والتكنولوجية الكبرى، بل مهمة ايضا لابتكار واكتشاف العقل والمنطق والافكار، لكن مع وجود هذه الحقائق، يجب على الاتحاد الوطني الكوردستاني ،الان وفى المستقبل، ان يكون واعيا ومدركا لثقل العمال والكادحين وتأثيرهم وحقوقهم ايضاَ، حتى لا يغدوا أداة لتحقيق المصالح الضيقة، وللظلم والاستغلال الطبقي. إن الانحياز الى هذه الطبقة، في ظروف كوردستان الحالية، هو انحياز الى الرموز الاجتماعية الداعية الى التقدم والتجديد، وأن المحافظة على المساحة الاجتماعية والديموغرافية لهذه الطبقة، في هذه المرحلة، لانجاز العملية الاقتصادية والاجتماعية، هي اطروحة اجتماعية تقدمية،لأن أي تغييرنحو تضييق الخناق على هذه الطبقة، يعنى توسيع دائرة الشرائح الاجتماعية الفقيرة، مثلما حصل في أورثا الشرقية. فكما قلنا، فإن الشرائح الاجتماعية الفقيرة المعدمة تستفيد من الوجود الواسع للطبقة الوسطى، بسبب نشاط السوق وتوسع الشركات وفرص العمل المختلفة، حيث يتحسن مستوى معيشة الناس الفقراء والمحتاجين، ويتوفر لهم الضمان الاجتماعي ، وتقل نسبة الفقراء ، بين الذين يعيشون تحت خط الفقر أو الجوع، بسبب البطالة الكاملة الدائمة، أو شبة البطالة، أو المؤقتة، بسبب كونهم لا يستطيعون الحصول على مورد مالي شهري ثابت، يتناسب مع مستوى المورد المالي للفرد في كوردستان، أو مع المعيار العالمي الذي حدده البنك الدولي، لهذا الغرض. هذا، فضلاَ عن ان الوقوف ضد توسع حجم الطبقة المتوسطة وتطورها، أومنع نموها، والتي لم تنجز، الى الان، واجبات مرحلتها الاقتصادية، يدخل في خانة الرجعية وفق المنظور العلمي الاقتصادي والاجتماعي، والمنظور التاريخي للمرحلة.

بقايا القبلية والعشائرية

إن المنظومات الاجتماعية، كالعشيرة، والطائفة، والقبيلة، والفخذ، والعائلة، مازالت بقاياها تتحرك، وتميل الى التعبير عن نفسها، واثبات وجودها، كقوة في المجتمع، الا أن حجم النظام الاقطاعي وكيانه الذي كانت تستند اليه، لم يبق كما كان في السابق، وان اظهار نفسها وتباهيها وتفاخرها بأمجادها وماضيها، في الوسط الاجتماعي، ماهو الا تمثيل ومصانعة .

إن احد الاسباب التى ادت الى ذلك، هو زوال جميع الاسس والركائر ألاقتصادية الاقطاعية التي كانت تستند اليها. أما السبب الآخر، فهو سيادة القانون شيئا فشيئا، في كل المجالات حتى اقتنع أفراد العشيرة بأنهم ليسوا بحاحة الى العقد ألاجتماعي الاقطاعي السابق، للمحافظة على أنفسهم وممتلكاتهم، أو أن حاجتهم قد قلت، رغم بقاء رابطة الدم بينهم على حالها. والسبب الثالث هو نمو الشعور بالفردية والذاتية داخل المنظومة العشائرية الاقطاعية، نتيجة لتقدم الرأسمالية واستقلال الفرد الاقتصادي، وامكانية أن تكون لافراد العشيرة مواردهم المالية المستقلة، خارج اطارالعلاقات الاقتصادية الاقطاعية، وبهذا تكون "الفردية والذاتية"، كظاهرة رأسمالية، قدنمت في صفوف ابناء العشائر، وحسنت أيضاَ، الى حدما، اوضاع العشيرة، كمؤسسة اجتماعية. من الواضح أن هذه الظاهرة هي ظاهرة ايجابية، وملفتة للانظار، ومن الضروري أن يقف عندها الاتحاد الوطني الكوردستاني، بإعتباره قوة اشتراكية ديموقراطية، ويعتبرها وسيلة مهمة لتغيير الحياة الاجتماعية في كوردستان، ولايسمح وتحت أية ظروف سياسية، باحياء وانعاش البنية الفوقية لمؤسسة العشيرة، أو اسنادها، أو فرضها.

(الاشتراكية – الديمقراطية) الكوردستانية

بأخذنا للظروف: السياسية، الاقتصادية، والاجتماعية، لاقليم كوردستان، والعراق، والمنطقة، والعالم

- التعريف: على ضوء هذا التعبير النظري، السياسي، الاجتماعي، الاقتصادي، والثقافي اعلاه، واخذ الجذور التاريخية له بنظرالاعتبار، كنهج مجدد لنفسه دوماَ، يجب تعريف الاتحاد الوطني الكوردستاني، بأنه حزب اشتراكي ديمقراطي لشعب كوردستان العراق، يمثل في المقدمة العمال وكادحي الفكر والسواعد في المجتمع، ويناضل من اجل انجاز مهام وواجبات مرحلة التحرر الوطني، والنظام الديمقراطي والعلمانى، وبناء المجتمع المدني التقدمي المنسجم مع الظروف والاحوال السائدة حاليا في العالم، والذي يستمر نضاله الى أن تتحقق العدالة الاجتماعية، عن طريق المواءمة والملاءمة َمع أسس وقواعد التعايش السلمي المتوازن المتمثل في تحقيق الرفاهية وحماية حقوق الانسان، وحقوق الفرد، والمساواة بين الرجل والمرأة، والمساواة أمام القانون، وأن يناضل، في الوقت نفسه، من أجل: تحقيق المساواة في ايجاد فرص للعمل، وفي تنمية ورعاية روح الاستقلال عند الفرد، وفي القضاء على الاستغلال والظلم، واقتلاع جذور التمييز الجنسي والطبقي والقومي.

ومن جانب آخر، تقع على عاتق الاتحاد الوطني الكوردستاني، كحزب كوردستاني، ميدان عمله ونشاطه ليس كوردستان العراق فحسب، بل العراق كله

المصدر