الكنائس والاديرة في الموصل

الكنائس والاديرة في الموصل (العهد العثماني ) (1516-1918) ثنائية الدين والسياسة ماجستير في التاريخ الحديث - جامعة الموصل - كلية الاداب

-المقدمة:

]دير مار متي في الموصل

اتسمت مدينة الموصل منذ العهود الاولى من تاريخها بوجود العديد من المظاهر التي تميزها عن باقي مدن العالم،وقد تكلم الكثير من الرحالة والمؤرخين عن هذه السمة التي غلبت على مدينة الموصل،لاسيما اجواءها ومناخها الذي يصلح لقيام جذور عريقة للحضارة والعمران الانساني.

كانت الكنائس والاديرة من هذه السمات التي ميزتها،فقد انشئت في الموصل العديد من الكنائس والاديرة،وتكاد هذه المدينة ان تكون في مقدمة المدن التي تاسست فيها الكنائس،بعد الكنيسة الاولى في فلسطين، وقد حفلت الموصل بعدد غير قليل من الكنائس والاديرة التي انتشرت في معظم أحياء المدينة وخارجها وقدر عددها في أوائل القرن التاسع عشر بثلاث عشرة كنيسة.

كنيسة مار أشعيا

حفلت الموصل بعدد غير قليل من الكنائس والاديرة التي انتشرت في معظم أحياء المدينة وخارجها وقدر عددها في أوائل القرن التاسع عشر بثلاث عشرة كنيسة،وتعد كنيسة (مار أشعيا)التي تقع في الجهة الشمالية الشرقية من المدينة من اقدم الكنائس الموجودة في الموصل.

دير مار كوركيس

يقع الدير شمال شرق الموصل وحاليا ضمن حدود بلدية المدينة في المنطقة المسماة بالحي العربي .وكان في الاصل كنيسة باعويرة التي هجرها اهلها المسيحيين وفي الدير كنيستين عليا وسفلى وفيه غرف عديدة للرهبان وللزوار ومعظم ابنيته مشيدة في القرن التاسع عشر ،واقدم ذكر تاريخي للدير عام 1710م حسبما جاء في مخطوطة دير السيدة الذي يقع شرق القوش.وللدير عيدان احدهما في الاحد الخامس من الصوم الكبير والاخر في ال 24 من نيسان يؤمه الزوار من داخل العراق وخارجه للتبرك ولقضاء ايام للراحة وللعبادة .

دير مار ميخائيل

يقع شمال الموصل بمسافة قريبة عنها وهي الان تقريبا ضمن حدود بلديتها .تاسس في اواخر القرن الرابع الميلادي على يد مار ميخائيل احد تلاميذ مار اوجين والدير مشرف على نهر دجلة ،جدد عام 1867م في عهد البطريرك مار يوسف اودو ،ورمم عام 1956 والان يقوم الكهنة في كنيسة مار اشعيا القريبة منه بادارته ،حيث يديرون شؤونه ويفتح الدير ابوابه لزواره في عيده المصادف في الاحد الخامس من الصوم، ويذكر ان الدير كان عامرا بالرهبان بلغ عدد رهبانه ايام عزه اكثر من الف وتجددت فيه الحياة الرهبانية في القرن الثالت عشر وكان آهلا بالرهبان في اوائل القرن السادس عشر اما الان فهو خالي من الرهبان .

دير الربان هرمز

دير عامر يقع شمال الموصل ، على بعد 33 ميلا عنها وموقعه في جبل القوش والمعروف جبل بيت عذرى وهو من اديرة الكلدان انشأه الربان هرمز متزامنا مع دير مار اوراها الذي يقع قرب قرية باطنايا منتصف طريق الموصل-القوش في الربع الثاني من القرن السابع الميلادي . وكان الدير مقرا للرهبان الكلدان وقد انشأ الى جنوبه دير السيدة العذراء ، والدير في بعض عصوره نالت منه النكبات فنهب واقفر من رهبانه عدة مرات وفيه كنيسة اثرية رممت على مر العصور .فيها كتابات كلدانية وكان للدير مكتبة غنية نهبت عام 1844م واتلفت جملة كبيرة من مخطوطاتها. وحاليا تهتم ادارة الرهبنة الانطونية الكلدانية بشؤونه . وحسب الطقس الكلداني عيده في ال 11 نيسان.

يعلو بوابة الدير صورة محفورة لحمامة من الجهة اليمنى وثعبان يتدلى من الجهة اليسرى دلالة الحكمة والنقاوه . يعود تاريخ بناء الدير على يد الربان هرمزد الفارسي الاصل من مدينة لاياط في بلاد الاحواز وترجع قصة بناء الدير الى عهد البطريرك ايشوعياب الذي عاصر الخليفة ابو بكر وعمر بن خطاب (رض الله عنهما) . ان حاكم الموصل عقبة بن فرقد سنة 642 ميلادية مرض ابنه شيبيني بمرض عضال فلما اوصوه الناس بايصاله الى الربان هرمزد الذي كان ناسكا في احدى الصوامع التي تقع بالقرب من موقع الدير الان في جبل القوش او جبال باعدري وعندما وصل البلدة كان ابنه قد فارق الحياة ولكن الناس اصروا على ايصاله الى الربان وعندما دخل الوادي طمأنهم الربان وبعد صلاة طويلة ارجع الى شيبيني الحياة فأقام الحاكم فرح عظيم شارك فيه المسيحين والمسلمين معا وهكذا اصبح للربان مكانة عظمية لدى الحاكم وبعدما عاد الى الموصل امر بمساعدة الربان في بناء دير له فخصص له (7) اوزان من الفضة ارسلها مع ابنه شيبينى واوقف لها رحى كثيرة واملاك واراضي( ). مع المباني المتفرقة في الموقع ماا يزال هناك اثار عين الماء التي اشتهرت به والتي كانت تسمى عين القديس وكذلك البرج الذي يعلوه الناقوس الذي كانت دقاته تسمع في جميع ارجاء المنطقة ، يقدس الدير جميع ابناء المنطقة فألى جانب المسيحيين يزورها الايزدية للتبرك وطلب العلاج وكذلك المسلمين ويحتفل كل عام في شهر نيسان بذكراه سنويا حيث تشهد اقبلا كبيرا لدى للناس للزيارة تشعل فيها الشموع طلبا للشفاعة والبركة ، وهي الان تشهد حملة كبيرة لأعمارها وترميمها .

يشتهر الدير بأنه شهد العديد من النكبات التي كانت سببا في تدميره احراق مخطوطاته النادرة ومن اشد الحملات التي طالت الدير واحرقت خزائنها حملة الشاه طهماسب ونادر شاه وتيمور لنك واحراقها مع جميع مخطوطاتها من قبل امير رواندوز الامير ( محمد كوره ) في حملته على بادينان في القرن التاسع عشر ومن ثم اخر الحملات التي تعرضت لها على يد اسماعيل باشا حاكم عمادية . يتناقل الناس في المنطقة القريبة من هذا الدير العديد من الاحاديث والحكايات النادرة لكن ما يميزها دوما هو انه في هذا الدير تتجسد حياة الخلوة والتقشف والمشقة والخشونة وكذلك من انه كان ملجأ لعلاج المرض حيث كان يتم فيه شفاء المجانين بعد ان يحرضهم الربان على التوبة وعبادة الله ، اكتسب الربان هرمزد شهرة كبيرة في هذا الدير فكان محل ازدراء الرهبان في الاديرة القريبة وخاصة دير (بسقين ) حيث حاولوا الايقاع به لدى حاكم الموصل الا ان محاولاتهم باءت بالفشل . مات هرمز في هذا الدير عن عمر يناهز 94 عاما .واكتسبت القوش شهرة من هذا الدير فرغم المعروف عنها بأنها موطن النبي ناحوم الا ان وجود الدير في الجبل الذي يطل على البلدة اضفى عليها شهرة اخرى . فالحياة في هذا الدير استمرت (11) قرنا بلا انقطاع.

دير مار بهنام

يقع على بعد 35 كلم جنوب شرق الموصل قريب من قضاء قره قوش في سهل بين دجلة والزاب الاعلى .وكان يعرف بدير الجب ويعود الى السريان الكاثوليك ويقطنه الرهبان يقصده الناس للتعبد ولاجل البرأ من الصرع .

بني هذا الدير على ضريح القديس بهنام ورفاقه الذين دفنوا في مقبرة جماعية قرب تل الخضر القريب من قره قوش،وتعرضت كنيسته للتوسع مرتين منذ تأسيسها الاول وكان ذلك في الربع الاخير من القرن الثاني عشر الميلادي،ثم اعقبه التوسع الثاني في نهاية ذلك القرن او بداية القرن الرابع عشر الميلادي ، على ان البناء الاصلي للدير ، قد طرأ عليه في مر العصور ترميم وتجديد وتوسيع . وتعد كنيسة هذا الدير من التحف الاثرية وهي مشيدة بالرخام والجص والحجر والطابوق . وفي داخل وخارج الكنيسة كتابات سريانية وزخارف ونقوش على الرخام . اقدم تاريخ لها عام 1164م حسب تاريخ الموصل للصائغ .

اما الدير فيتكون من فنائين فسيحين ، خارجي وداخلي والاخير كان لسكنى الرهبان وفي احدى صالاته مكتبة حافلة بالمخطوطات الثمينة والكتب القيمة .والفناء الخارجي فيه غرف معدة للزائرين . ويعتقد بان معظم الاثار الموجودة في كنيسته تعود الى الدولة الاتابكية . والتي يتجلى فيها مهارة الفنان الموصلي في دقة الزخارف المحفورة بالرخام او الجبس .

دير متى

شيد هذا الدير من قبل المار متي عام 334م بعدد هروبه ولجوئه الى هذا المكان بسبب اضطهاد الامبراطور الروماني ديو مليكاس، ويقع هذا الدير في جبل مقلوب،وهو من أقدم أديرة النصارى،بني في القرن الرابع الهجري،وهو تابع لليعاقبة ويقصده الاتراك والمسيحيون في الصيف للنزهة ،ويقع هذا الدير على قمة جبل عال ووعر يتعذر على الفارس التسلق اليه لوعورته،ويسكن الدير في الغالب ثلاثة الى اربعة رهبان مع انه من اشهر اديرة اليعاقبة. وفي الدير اثار صوامع قديمة للرهبان ومخازن عديدة لحفظ الماء بالقرب من قمة الجبل كالصهريج.

وفيه كنيسته واسعة وامام مدخل الكنيسة يقوم رواق لمأوى الغرباء،وهناك بالقرب من المذبح الكبير معبد صغير ،وهو مكان تحفظ فيه ذخائر اجساد القديسين،وهناك غار ىخر لايفتح لكل احد،فيه اثنا عشر منبرا لخلفاء المسيح وان القناديل موقودة فيه ليلا ونهارا لاضاءة الغار.

دير مار ايليا

يقع هذا الدير في الجانب الايمن من دجلة غربي الموصل على بعد سبعة كيلومترات من مركز الموصل في منخفض يعرف بوادي الدير،ويحمل هذا الدير اسم مؤسسه الراهب ايليا،الذي قدم من الحيرة ويسمى كذلك بدير سعيد نسبة الى سعيد بن عبدالملك بن مروان وكان عامل الموصل في خلافة ابيه،اما عن تاريخ تأسيسه فالمرجح انه قد أسس بين عامي (582-590م) ( )، ولم يكن مار ايليا وحده قد بنى هذا الدير انما شاركه ابن اخته حنا يشوع ويوحنان الشيخ.

كان الدير مـأهولا بعدد كبير من الرهبان،وكانت الكنيسة مستعملة حتى عهد طهماسب خان اذ أن الجيش الفارسي كان قد دخل الدير ودمره وتركه على ماهو عليه اليوم من التصدع فالكنيسة ساقطة،والمنارة خربة والحيطان مهدمة في عدة اماكن.

دير مار اوراها

يقع الدير شمال الموصل وشرق قرية باطنايا .موسمه في الاحد الجديد بعد عيد القيامة كان الدير متروك ومهدم لفترة طويلة مع العلم ان تاسيسه جاء متزامنا مع تاسيس الربان هرمز قرب القوش وفي فترة التسعينات من القرن الماضي جدد الدير وغلف بالحلان ليصبح مزارا لاهالي المنطقة.

كنيسة شمعون الصفا

تعد هذه الكنيسة أقدم ماموجود من كنائس في الموصل،فكل ما هو اقدم منها قد اندرس ولم يبق منه شيء يذكر،وتقع هذه الكنيسة في محلة المياسة في الموصل،وتحمل اسم شمعون الصفا او القديس بطرس رئيس رسل المسيح عليه السلام،ولبطرس هذا اهمية كبرى ومكانة عظيمة في طقوس كنيسة المشرق الكلدانية وتاريخها ، الا انه على الرغم من ذلك فان قلة من الكنائس تحمل اسم هذا الرجل.

وحسبما جاء في اسطورة محلية ان القديس بطرس كان ذات يوم مارا بالموصل،فشفى في هذا الموضع ابن صاحب معصرة سمسم،فهدم الوالد بيته ومعصرته اعترافا منه بفضل القديس،وشيد مكانهما الكنيسة،وربما ان هذه الاسطورة استمدت جذورها من اكتشاف بقايا معصرة تحت الكنيسة عند ترميمها سنة 1864م،ويرجع سليمان الصائغ تاريخ بناء الكنيسة الى عهد الجرامقة نهاية القرن الثالث،افتراضا انهم كانوا مسيحيين،الا انه فيما بعد جعل الكنيسة بين البنايات المقامة في الفترة مابين القرن الرابع والسابع.

كنيسة مسكنته

ان اقدم تاريخ ذكر فيه اسم كنيسة مسكنته هو عام 1212م،حسبما ورد في كتاب اناجيل محفوظ في دار البطريركية الكلدانية في دير مار ميخائيل،وكنيسة مسكنته هي الان كاتدرائية ابرشية الموصل الكلدانية،بعد ان كانت مدة طويلة كرسي البطريركية.

وقد ورد اسم القديسة مسكنته وابنيها،ولانعرف عن حياتها سوى قصة استشهادها في عهد الملك الفارسي يزدجرد الثاني(438-457) وجرى استشهادها على يد الحاكم طهمزجرد الذي اهتدى الى المسيحية متأثرا بشجاعة مسكنته(شيرين)واستشهد بدوره،وقد اقيمت في كركوك كنيسة على اسمه.

كنيسة مريم العذراء

تعد من اقدم الكنائس لدى النصارى في الموصل،وقد شيدت على ذات الطراز الذي شيدت به كنيسة القديس جيمس المخربة في نصيبيين واطواق الممشى فيها من الطراز العربي الاعتيادي والانواع الصغيرة من هذه الاطواق مفرطحة بالشكل المالوف في الطراز السكسوني،بينما تحيط الكنيسة افاريز من زخارف عربية اعتيادية في مظهرها الا انها ليست متشابهة في تفاصيلها( ).

كنيسة مار حوديني

نجهل تاريخ تاسيس هذه الكنيسة،كانت هذه الكنيسة احدى الكنائس التي شيدها تكريتيو الموصل،وهي تلك التي تدعى"الكنيسة القديمة" او " كنيسة السعيد"،ومن الثابت،ويؤيده طراز نقوش الباب الملوكي هو ان الكنيسة كانت في ايدي المسيحين في القرن الثالث عشر،وفي سنة 1758 في عهد المفريان لعازر الرابع،نهبت القلاية المفريانية المجاورة للكنيسة،لكنه يبدو ان الكنيسة حولت الى جامع غير ان جامعا اخر يدعى "جامع التكريتيين"او"الجامع التكريتي"شيد سنة 1763 فوق بعض اجزاء الكنيسة،وقد رمم عبدالرحمن الجلبي التكريتي هذا الجامع سنة1816. والنص التاريخي الوحيد الذي يقدمه لنا بناء الكنيسة هو الكتابة العربية بحرف كبير في الفناء تحت الرواق الايسر،وهي تذكر تجديد الكنيسة سنة 1896،في عهد السلطان عبدالحميد الثاني.

المصادر والمراجع:

اولا:المصادر العربية والمعربية:

1- بكنغهام،جيمس سيلك.

• رحلتي الى العراق 1816،ج1،ترجمة : سليم طه التكريتي،(بغداد:1986).

2- بابانا،يوسف.

• القوش عبر التاريخ،(بغداد:1979).

3- تافرينييه،جان باتيست.

• العراق كما في القرن السابع عشر كما رآه الرحالة الفرنسي تافرينييه،ترجمة وتعليق:بشير فرنسيس وكوكب عواد،(بغداد:1944).

4- الصائغ،سليمان.

• تاريخ الموصل،ج3،(لبنان:1965)

5- فييه،موريس.

• الاثار المسيحية في الموصل،ترجمة نجيب قاقو، مطبعة الطيف ، (بغداد:2000)،

6- قاشا،سهيل.

•       الموصل في كتابات الرحالة الاجانب خلال الحكم العثماني،ط1،(بيروت:2009).

7- لانزا،دومينيكو.

• الموصل في القرن الثامن عشر حسب مذكرات دومينيكو لانزا،ترجمة:القس روفائيل بيداويد،ط2،(الموصل:1953)،

ثانيا :البحوث والدراسات:

8- ذنون،يوسف.

• المباني الاثرية في دير ماربهنام،مجلة بين النهرين،ع(49-50)،السنة (13)،1985.

9- حبي،يوسف .

• دير مار ايليا،مجلة بين النهرين،ع(7)،السنة(2)،1974.

10- حبي،يوسف .

• كنيسة شمعون الصفا،مجلة بين النهرين،ع(4)،السنة(1)،1973.

11- ابوالصوف.بهنام.

• اضواء على اثرية دير ماربهنام،مجلة بين النهرين،ع(49-50)،السنة(13)،1985.

12- حبابة،بهنام سليم.

• الاباء الدومنيكان في الموصل اخبارهم وخدماتهم 1750م،(الموصل:2005).•

المصدر